الناس» (١). (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (٦٧) أي إنه تعالى لا يمكّنهم مما يريدون بك من القتل. روي أنه صلىاللهعليهوسلم نزل تحت شجرة في بعض أسفاره وعلّق سيفه عليها فأتاه أعرابي وهو نائم فأخذ سيفه واخترطه وقال : يا محمد من يمنعك مني؟ فقال : «الله» (٢) فرعدت يد الأعرابي وسقط السيف من يده وضرب برأسه الشجرة حتى انتثر دماغه.(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ) من الدين ولا في أيديكم من الصواب (حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) أي تحافظوا على ما فيهما من دلائل رسالة الرسول وشواهد نبوته فإن إقامتهما إنما تكون بذلك. وأما مراعاة أحكامهما المنسوخة فليست من إقامتهما في شيء (وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) أي حتى تراعوا على ما في القرآن بالإيمان به فإن إقامة الجميع لا تحصل بغير ذلك (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) وهو القرآن (طُغْياناً) أي تماديا في الجحود (وَكُفْراً) أي ثباتا على الكفر (فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) (٦٨) أي لا تتأسف عليهم بسبب زيادة طغيانهم وكفرهم ولا بسبب نزول اللعن والعذاب عليهم (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) إيمانا حقا بموسى وبجملة الأنبياء والكتب وماتوا على ذلك فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. (وَالَّذِينَ هادُوا) أي دخلوا في اليهودية (وَالصَّابِئُونَ) هم قوم من النصارى وهم ألين قولا من النصارى (وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ) من هؤلاء الثلاثة (بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً) أي خالصا فيما بينه وبين ربه وتاب اليهودي من اليهودية ، والصابئ من الصابئة ، والنصارى من النصرانية (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) إذا ذبح الموت (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٦٩) إذا أطبقت النار ، فقوله : (وَالَّذِينَ هادُوا) مبتدأ «قالوا» ولعطف الجمل أو للاستئناف. وقوله : (وَالصَّابِئُونَ) عطف على هذا المبتدأ كقوله : (وَالنَّصارى) وقوله : (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) إلخ خبر عن هذه المبتدءات الثلاثة. وقوله : (مَنْ آمَنَ) بدل بعض من هذه الثلاثة فهو مخصص. فالإخبار عن اليهود ومن بعدهم بما ذكر بشرط الإيمان بما ذكر وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ) خبر إن محذوف دل عليه المذكور من خبر هذه الثلاثة.
وقرئ «والصابئين» ، وقرئ «يا أيها الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون» ؛ «وهم من صبوا إلى اتباع الهوى والشهوات في دينهم (لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) أي بالله لقد أخذنا ميثاقهم بالتوحيد وسائر الأحكام المكتوبة عليهم في التوراة (وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلاً) ذوى عدد كثير ليقرروهم على مراعاة حقوق الميثاق (كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ) أي كلما جاءهم رسول من أولئك الرسل بما لا تحبه أنفسهم المنهمكة في الغي من الشرائع ، ومشاق التكليف عصوه وعادوه (فَرِيقاً كَذَّبُوا) أي فريقا من الرسل كذبوهم كعيسى وموسى ومحمد
__________________
(١) رواه الترمذي في كتاب التفسير ، باب : تفسير سورة ٥.
(٢) رواه أحمد في (م ٣ / ص ٣٦٥).