تحلب ولا تطرد عن ماء ومرعى ولا يجزّ لها وبر ، ولا يحمل على ظهرها بل تسيب لآلهتهم. والسائبة : هي البعير المسيبة وكان الرجل إذا شفي من مرض ، أو قدم من سفر أو نذر نذرا أو شكر نعمة سيّب بعيرا وجعلها كالبحيرة في تحريم الانتفاع بها والوصيلة هي الشاة الموصلة وذلك أن الشاة إذا ولدت سبعة أبطن عمدوا إلى البطن السابع فإذا كان ذكرا ذبحوه فأكله الرجال والنساء جميعا ، وإن كان أنثى لم تنتفع النساء منها بشيء حتى تموت فإذا ماتت كان الرجال والنساء يأكلونها جميعا وإن كان ذكرا وأنثى قيل : وصلت أخاها فيتركان مع إخوتها فلا يذبحان ، وكان للرجال دون النساء حتى يموتا فإذا ماتا اشترك في أكلهما الرجال والنساء والحام (هو الفحل) إذا ركب ولد ولده قيل : حمى ظهره فلا يركب ولا يحمل عليه ولا يمنع من ماء ومرعى إلى أن يموت فحينئذ تأكله الرجال والنساء (وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) أي إن رؤساءهم عمرو بن لحي وأصحابه يختلقون على الله الكذب ويقولون : أمرنا الله بهذا (وَأَكْثَرُهُمْ) أي الأتباع (لا يَعْقِلُونَ) (١٠٣) أن ذلك افتراء باطل.
قال المفسرون : إن عمرو بن لحي الخزاعي كان قد ملك مكة وكان أول من غير دين إسماعيل ، فاتخذ الأصنام ونصب الأوثان ، وشرع البحيرة والسائبة والوصيلة والحام. قال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «فلقد رأيته في النار يؤذي أهل النار بريح قصبه» (١) أي معاه (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) أي للأكثر الذي هم الأتباع (تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ) من الكتاب المبين للحلال والحرام (وَإِلَى الرَّسُولِ) الذي أنزل الكتاب عليه لتميزوا الحرام من الحلال (قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) من الدين (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) (١٠٤) والواو واو الحال دخلت عليها همزة الإنكار والتقدير أكافيهم دين آبائهم وقد كان آباؤهم لا يعلمون شيئا من الدين ولا يهتدون للصواب ولسنة النبي فكيف يقتدون بهم (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) أي احفظوا أنفسكم من ملابسة المعاصي والإصرار على الذنوب (لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) أي لا يضركم ضلالة من ضل إذا اهتديتم إلى الإيمان وبينتم ضلالتهم كما قاله ابن عباس. وقال عبد الله بن المبارك : والمعنى عليكم أهل دينكم ولا يضركم من ضل من الكفار وهذا كقوله تعالى : (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) أي أهل دينكم فقوله تعالى : (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) أي أقبلوا على أهل دينكم وذلك بأن يعظ بعضكم بعضا ، ويرغب بعضكم بعضا في الخيرات وينفره عن القبائح والسيئات ، وهذه الآية أوكد آية في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقوله : (لا يَضُرُّكُمْ) إما مجزوم على أنه جواب للأمر وهو «عليكم» أو نهي مؤكد له وإنما ضمت الراء اتباعا لضمة الضاد المنقولة إليها من الراء المدغمة فإن
__________________
(١) رواه البخاري في كتاب المناقب ، باب : ذكر أسلم وغفار إلخ ، ومسلم في كتاب الكسوف ، باب : ٩ ، وأحمد في (م ٢ / ص ٢٧٥).