اليوم الذي تنزل فيه المائدة عيدا نعظمه نحن ومن يأتي بعدنا ونزلت يوم الأحد فاتخذه النصارى عيدا وإنما أسند العيد إلى المائدة لأن شرف اليوم مستعار من شرفها.
والمعنى يكون يوم نزولها لها عيدا لأهل زماننا ولمن بعدهم لكي نعبدك فيه (وَآيَةً مِنْكَ) أي دلالة على وحدانيتك وكمال قدرتك وصحة نبوة رسولك (وَارْزُقْنا) أي أعطنا ما سألناك (وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (١١٤) (قالَ اللهُ إِنِّي مُنَزِّلُها) أي المائدة (عَلَيْكُمْ).
وقرأ ابن عامر وعاصم ونافع «منزلها» بالتشديد. والباقون بالتخفيف (فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ) أي بعد نزولها (مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ) أي إني أعذب من يكفر تعذيبا لا أعذب مثل ذلك التعذيب (أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) (١١٥).
روي أن عيسى عليهالسلام لما أراد الدعاء لبس صوفا ثم قال : اللهم أنزل علينا إلخ. فنزلت سفرة حمراء بين غما متين غمامة فوقها وأخرى تحتها وهم ينظرون إليها حتى سقطت بين أيديهم فبكى عيسى عليهالسلام وقال : «اللهم اجعلني من الشاكرين اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها مثلة وعقوبة وقال لهم : ليقم أحسنكم عملا يكشف عنها ويذكر اسم الله عليها ويأكل منها» فقال شمعون رأس الحواريين : أنت أولى بذلك فقام عيسى وتوضأ وصلى وبكى ثم كشف المنديل وقال : «باسم الله خير الرازقين» فإذا سمك ة مشوية بلا شوك ولا فلوس تسيل دسما وعند رأسها ملح وعند ذنبها خل ، وحولها من الألوان ما خلا الكراث وإذا خمسة أرغفة على واحد منها زيتون وعلى الثاني عسل ، وعلى الثالث سمن ، وعلى الرابع جبن ، وعلى الخامس قديد. فقال شمعون : يا روح الله من طعام الدنيا هذا أم من طعام الآخرة؟ فقال : «ليس منهما ولكنه شيء اخترعه الله بالقدرة العالية كلوا ما سألتم واشكروا يمددكم الله ويزدكم من فضله» فقال الحواريون : لو أريتنا من هذه الآية آية أخرى. فقال : «يا سمكة احيي بإذن الله فاضطربت» ثم قال لها : «عودي كما كنت فعادت مشوية» ثم طارت المائدة ثم عصوا وقالوا بعد النزول والأكل : هذا سحر مبين فمسخ الله منهم ثلاثمائة وثلاثين رجلا باتوا ليلتهم مع نسائهم ، ثم أصبحوا خنازير يسعون في الطرقات والكناسات ويأكلون العذرة في الحشوش ، ولما أبصرت الخنازير عيسى عليهالسلام بكت وجعلت تطيف به وجعل يدعوهم بأسمائهم واحدا بعد واحد فيبكون ويشيرون برءوسهم ولا يقدرون على الكلام فعاشوا ثلاثة أيام ثم هلكوا (وَإِذْ قالَ اللهُ) يوم القيامة (يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ) في الدنيا (اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) أي غيره أراد الله تعالى بهذا السؤال أن يقر عيسى على نفسه بالعبودية فيسمع قومه ويظهر كذبهم عليه أنه أمرهم بذلك فذكر هذا السؤال مع علمه تعالى أن عيسى لم يقل ذلك إنما لتوبيخ قومه. (قالَ) أي عيسى وهو يرعد : (سُبْحانَكَ) أي أنزهك تنزيها لائقا بك من أن أقول ذلك (ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي