كالسباع والطيور كفلاء بصدق محمد صلىاللهعليهوسلم. أو المعنى وحشرنا عليهم كل شيء نوعا من سائر المخلوقات.
وقرأ نافع وابن عامر «قبلا» بكسر القاف وفتح الباء أي حال كون الكفار معاينين للأصناف (ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) بمحمد والقرآن (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) إيمانهم. أي ولو أظهر الله جميع تلك الأشياء العجيبة الغريبة لهؤلاء الكفار فإنهم لا يؤمنون في حال من الأحوال الداعية إلى الإيمان إلا في حال مشيئته تعالى لإيمانهم. (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ) (١١١) أي إن الكفار لو أتوا بكل آية لم يؤمنوا ولكن أكثر المسلمين يجهلون عدم إيمانهم عند مجيء الآيات لجهلهم عدم مشيئته تعالى لإيمانهم فيتمنون مجيئها طمعا فيما لا يكون.
قال ابن عباس : المستهزؤون بالقرآن كانوا خمسة : الوليد بن المغيرة المخزومي ، والعاص بن وائل السهمي ، والأسود بن عبد يغوث الزهري ، والأسود بن المطلب ، والحرث بن حنظلة ، ثم إنهم أتوا الرسول صلىاللهعليهوسلم في رهط من أهل مكة وقالوا له : أرنا الملائكة يشهدوا بأنك رسول الله وابعث لنا بعض موتانا حتى نسألهم أحق ما تقوله أم باطل؟ أو ائتنا بالله والملائكة قبيلا أي كفيلا على صحة ما تدعيه فنزلت هذه الآية (وَكَذلِكَ) أي كما جعلنا المستهزئين عدوا لك (جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ) أي جعلنا لكل نبي تقدمك عدوا مردة من الإنس والجن. فشياطين الإنس أشد تمردا من شياطين الجن ، لأن شيطان الجن إذا عجز عن إغواء المؤمن الصالح استعان على إغوائه بشيطان الإنس ليفتنه ، وإضافة شياطين بمعنى من البيانية وهي بدل من «عدوا» وهو مفعول أول قدم على الثاني مسارعة إلى بيان العداوة (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) أي يلقي شياطين الجن إلى شياطين الإنس تزيين القول بالباطل لكي يغروا به الإنس (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ) عدم تزيين القوم لأجل الغرور (ما فَعَلُوهُ) أي تزيين القول المتعلق بأمرك خاصة (فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ) (١١٢) أي اترك الكفرة المستهزئين وافتراءهم بأنواع المكايد فإن لهم في ذلك عقوبات شديدة ولك عواقب حميدة (وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) أي ولكي تميل إلى هذا الزخرف قلوب الذين لا يؤمنون بالبعث بعد الموت (وَلِيَرْضَوْهُ) أي هذا الزخرف لأنفسهم (وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ) (١١٣) أي وليكتسبوا بسبب ارتضائهم له ما هم مكتسبون من الأيام فيعاقبوا عليها (أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً) أي قل لهم أأميل إلى زخارف الشياطين فأطلب حكما غير الله يحكم بيننا. والحال أنه تعالى هو الذي أنزل إليكم القرآن وأنتم أمة أمية لا تدرون ما تأتون وما تذرون مبينا فيه الحق والباطل فلم يبق في أمور الدين شيء من الإبهام ، فأي حاجة بعد ذلك إلى الحكم وهو والحاكم عند أهل اللغة واحد لكن بعض أهل التأويل قال : الحكم أكمل من الحاكم لأن