وكل ما تعلق بالوعد من الثواب والعقاب فهو آت لا محالة (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) (١٣٤) أي لستم بخارجين عن قدرتنا وحكمنا. (قُلْ) يا أشرف الخلق لكفار قريش : (يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) أي على أقصى إمكانكم واستطاعتكم واثبتوا على حالتكم من الكفر والعداوة (إِنِّي عامِلٌ) بما أمرت به من الثبات على حالتي من الإسلام والمصابرة (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ) أي فسوف تعرفون أي أحد الفريقين له العاقبة المحمودة وهي الاستراحة واطمئنان الخاطر أنحن أم أنتم وذلك حاصلة في الجنة.
وقرأ حمزة والكسائي «من يكون» بالياء (إِنَّهُ) أي الشأن (لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) (١٣٥) أي لا يفوز الكافرون بمطالبهم ألبتة فلا ينجون من عذاب الله تعالى (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ) أي عين كفار مكة لله مما خلقه من الحرث والأنعام ، وكذا من الثمار وسائر أموالهم نصيبا يصرفونه إلى الضيفان والمساكين ونصيبا من ذلك لآلهتهم وينفقونه على سدنتها ويذبحون ذبائح عندها فقالوا : هذا لله بكذبهم في جهة أنه تعالى يستحق ذلك من جهتهم لا في وجه التقرب به إليه وهذا لآلهتنا ، ثم إن رأوا ما عينوه لله أزكى بدلوه بما لآلهتهم فأعطوا نصيب الله لسدنة الأصنام ، وإن رأوا ما لآلهتهم أزكى تركوه لها فلم يصرفوه للمساكين بل يصرفونه للسدنة وكان إذا أصابهم قحط استعانوا بما جعلوه وأكلوا منه ووفروا ما جعلوه لآلهتهم ولم يأكلوا منه فإذا هلك ما جعلوه لها أخذوا بدله مما جعلوه لله ولا يفعلون كذلك فيما جعلوه لها وإن سقط مما جعلوه لله في نصيب الأوثان تركوه وقالوا : إن الله غني عن هذا وإن سقط مما جعلوه للأوثان في نصيب الله أخذوه وردوه إلى نصيب الصنم وقالوا : إنه فقير (ساءَ ما يَحْكُمُونَ) (١٣٦) أي بئس الذي يحكمون حكمهم من أنهم رجحوا جانب الأصنام على جانب الله ومن أنهم جعلوا شيئا لغير الله تعالى مع أن الله تعالى الخالق للجميع ومن أنهم أحدثوا الحكم من قبل أنفسهم ولم يشهد بصحته عقل ولا شرع (وَكَذلِكَ) أي مثل ذلك التزيين وهو تزيين الشرك في قسمة الأموال بين الله والآلهة (زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ) بوأد إناثهم ونحر ذكورهم (شُرَكاؤُهُمْ) أي أولياؤهم من الشياطين ومن السدنة.
قرأ العامة زين مبنيا للفاعل. وقتل نصبا على المفعولية وأولادهم خفضا بالإضافة وشركاؤهم رفعا على الفاعل. أي وهكذا زين لهم شياطينهم قتل أولادهم فأمروا بأن يئدوا بناتهم خشية الفقر والسبي وبأن ينحروا ذكورهم لآلهتهم ، فكان الرجل في الجاهلية يقوم فيحلف بالله لئن ولد له كذا من الذكور لينحرن أحدهم. كما حلف عبد المطلب لينحرن عبد الله. وقرأ ابن