عامر وحده «زين» مبنيا للمفعول و «قتل» رفعا على الفاعلية ، وأولادهم نصبا على المفعولية وشركائهم خفضا على إضافة المصدر إلى فاعله أي زين لكثير من المشركين قتل شركائهم أولادهم وهذه القراءة متواترة صحيحة ، فقد قرأ ابن عامر على أبي الدرداء ، وواثلة بن الأسقع ، وفضالة بن عبيد ، ومعاوية بن أبي سفيان ، والمغيرة المخزومي. وقرأ أيضا على عثمان وولد هو في حياة رسول الله صلىاللهعليهوسلم (لِيُرْدُوهُمْ) أي يهلكوهم بالإغواء (وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ) أي وليخلطوا عليهم من دين إسماعيل عليهالسلام أي ليدخلوا عليهم الشك في (دِينَهُمْ) لأنهم كانوا على دين إسماعيل فهذا الذي أتاهم بهذه الأوضاع الفاسدة أراد أن يزيلهم عن ذلك الدين الحق ، واللام للتعليل إن كان التزيين من الشياطين وللعاقبة إن كان من السدنة (وَلَوْ شاءَ اللهُ ما فَعَلُوهُ) أي ما فعل كثير من المشركين قتل الأولاد بدفن البنات في حياتها وبنحر الأولاد الذكور للأصنام (فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ) (١٣٧) أي فاتركهم وكذبهم في قولهم : إن الله يأمرهم بقتل أولادهم فإن في ما شاء الله تعالى حكما بالغة وذلك دليل على أن كل ما فعله المشركون فهو بمشيئة الله تعالى (وَقالُوا) أي المشركون الذين قسموا نصيب آلهتهم أقساما ثلاثة (هذِهِ) أي التي جعلناها للآلهة (أَنْعامٌ وَحَرْثٌ) أي زروع (حِجْرٌ) أي محرمة (لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ) أي لا يأكل هذه الأنعام والحرث إلا خدمة الأوثان والرجال دون النساء (بِزَعْمِهِمْ) أي قالوا : ما ذكر ملتبسين بكذبهم ومن غير حجة (وَ) هذه (أَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها) وهي البحائر والسوائب والحوامي والوصائل (وَ) هذه (أَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا) إذا ركبت وإذا حملت ، وإذا ذبحت ونسبوا ذلك التقسيم إلى الله تعالى (افْتِراءً عَلَيْهِ) وهذا إما مفعول له وعامله قالوا أو حال من ضميره أو مصدر مؤكد له لأن قولهم ذلك هو الافتراء (سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ) (١٣٨) أي إن الله سيكافئهم بسبب تقولهم عليه (وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ) أي ما ولد من البحائر والسوائب حيا حلال للذكور خاصة ومحرم على جنس أزواجنا وهي الإناث وما ولد منها ميتا أكله الرجال والنساء جميعا (سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ) أي سيوصل الله لهم جزاء ذنوبهم وهو وصفهم بالتحليل والتحريم. فالواصف بذلك عمرو بن لحي وقدر رآه النّبيّ صلىاللهعليهوسلم في جهنم يجر قصبه من دبره وكان يعلمهم تحريم الأنعام (إِنَّهُ حَكِيمٌ) في التحليل والتحريم (عَلِيمٌ) (١٣٩) في وصفهم بذلك (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ) بالوأد للبنات وبالنحر للذكور (سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ) وهم ربيعة ومضر وأمثالهم من العرب وبنو كنانة لا يفعلون ذلك وسبب هذا الخسران لأن الولد نعمة عظيمة من الله على العبد فإذا سعى في إبطاله استحق الذم العظيم في الدنيا ، لأن الناس يقولون : قتل ولده خوفا من أن يأكل طعامه والعقاب العظيم في الآخرة وسببه خفة العقل لأن قتل الولد إنما يكون للخوف من الفقر والقتل أعظم ضررا منه ، والقتل ناجز والفقر موهوم وهذه السفاهة إنما نشأت من الجهل الذي هو أعظم المنكرات.