والحسن ذلك أي اللباس الثالث خير لصاحبه من اللباسين الأولين لأنه يستر من فضائح الآخرة.
وقرأ الباقون و «لباس التقوى» بالرفع على الابتداء وخبره «ذلك خير». والمعنى واللباس الناشئ عن التقوى وهو اللباس الأول ، أو هو الملبوسات المعدة لأجل إقامة نحو الصلاة ذلك خير لأنه لبس المتواضع (ذلِكَ) أي إنزال اللباس (مِنْ آياتِ اللهِ) الدالة على قدرته وعظيم فضله وعميم رحمته على عباده (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (٢٦) أي فيعرفون عظيم النعمة في ذلك اللباس (يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) أي لا يخرجنكم الشيطان عن طاعتي بفتنته فتمنعوا من دخول الجنة إخراجا مثل إخراجه أبويكم من الجنة بفتنته بأمره لهما بمخالفة أمري فمنعا من سكنى الجنة (يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما) بغروره وكان اللباس من ثياب الجنة أو من نور (لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما) أي ليرى آدم سوأة حواء وترى هي سوءة آدم (إِنَّهُ) أي الشيطان (يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ) أي أصحابه أو من كان من نسله (مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ) إذا كانوا على صورهم الأصلية لكن قد يكونون مرئيين في بعض الأحيان لبعض الناس دون بعض.
وقال مجاهد : قال إبليس : جعل لنا أربع : نرى ولا نرى ، نخرج من تحت الثرى ، ويعود شيخنا فتى. (إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (٢٧) أي إنا صيرنا الشياطين قرناء للذين لا يؤمنون بمحمد والقرآن مسلطين عليهم (وَإِذا فَعَلُوا) أي العرب (فاحِشَةً) كعبادة الأصنام وكشف العورة في الطواف (قالُوا) جوابا للناهي عنها معللين فعل الفاحشة بأمرين (وَجَدْنا عَلَيْها) أي على هذه الأشياء (آباءَنا) فاعتقدنا أنها طاعات واقتدينا بهم فيها (وَاللهُ أَمَرَنا بِها) فإن أجدادنا إنما كانوا يفعلونها بأمر الله تعالى بها (قُلْ) لهم يا أكرم الرسل (إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) فإن عادته تعالى جارية على الأمر بمحاسن الأعمال والحث على نفائس الخصال (أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٢٨) أي إنكم ما سمعتم كلام الله مشافهة ولا أخذتموه عن الأنبياء لأنكم تنكرون نبوة الأنبياء فكيف تقولون على الله ما لا تعلمون (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ) أي بالتوحيد بلا إله إلا الله (وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) أي واستقبلوا بوجوهكم القبلة عند كل صلاة (وَادْعُوهُ) أي اعبدوا الله بإتيان أعمال الصلاة (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) أي الطاعة (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (٢٩) أي كما أوجدكم الله بعد العدم يعيدكم بعده أحياء يوم القيامة فيجازيكم على أعمالكم (فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) أي ثبت الضلالة عليهم في الأزل والجملتان الفعليتان في محل نصب على الحال من فاعل «بدأكم» ، و «فريقا» الثاني منصوب بفعل مقدر موافق في المعنى للمذكور المفسر أي «بدأكم» حال كونه تعالى هاديا فريقا للإيمان ومضلا فريقا. ويجوز أن تكون الجملتان الفعليتان في محل نصب على النعت «لفريقا وفريقا» ، وهذان على الحال من فاعل «تعودون» ، والعائد على المنعوت محذوف أي فريقا هداهم الله ، وفريقا حق