ومعنى فهينم أي أخف الدعاء والغمام هنا المطر فلما غنتا به أزعجهم ذلك وقالوا : إن قومكم يتغوثون من البلاء الذي نزل بهم وقد أبطأتم عليهم فادخلوا الحرم واستسقوا لقومكم. فقال لهم مرثد بن سعد : والله لا تسقون بدعائكم ولكن إن أطعتم نبيكم وتبتم إلى الله تعالى سقاكم وأظهر إسلامه فقالوا لمعاوية : احبس عنا مرثدا لا يقدمن معنا مكة فإنه قد اتبع دين هود وترك ديننا. ثم دخلوا مكة فقال قيل : اللهم أسق عادا ما كنت تسقيهم فأنشأ الله تعالى سحابات ثلاثا بيضاء وحمراء وسوداء ، ثم ناداه مناد من السماء : يا قيل اختر لنفسك ولقومك ، فقال : اخترت السوداء فإنها أكثرهن ماء ، فخرجت على عاد من واد لهم يسمى وادي المغيث ، فاستبشروا بها وقالوا : هذا عارض ممطرنا فجاءتهم منها ريح عقيم وهي باردة ذات صوت شديد لا مطر فيها ، وكان ابتداء مجيئها في صبيحة الأربعاء في الحادي والعشرين من شوال في آخر الشتاء وسخرت عليهم سبع ليال وثمانية أيام فأهلكتهم ونجا هود والمؤمنون معه فأتوا مكة فعبدوا الله فيها إلى أن ماتوا.
وروي عن علي رضياللهعنه أن قبر هود بحضرموت في كثيب أحمر.(وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ) أي وأرسلنا إلى ثمود أخاهم في النسب لا في الدين (صالِحاً) وثمود قبيلة أخرى من العرب سموا باسم أبيهم الأكبر وهو ثمود بن غابر بن ارم بن سام بن نوح. وكانت مساكنهم الحجر بين الحجاز والشام إلى واد القرى (قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ) وحده (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ) أي شاهدة بنبوتي وهي الناقة (مِنْ رَبِّكُمْ) خلقها بلا واسطة (هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً) أي علامة على رسالة الله وإضافة الناقة إلى الله لتعظيمها وتخصيصها كما يقال : بيت الله أو لأنها لا مالك لها غير الله ، أو لأنها حجة الله على القوم. ووجه كونها آية لخروجها من الجبل لا من ذكر وأنثى ولكمال خلقتها من غير تدريج «وناقة الله» عطف بيان لهذه أو مبتدأ ثان و «لكم» خبر عامل في آية في نصبها على الحال. ويجوز أن يكون عامل الحال معنى التنبيه ، أو معنى الإشارة. وجملة قوله : (هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ) آية في محل رفع بدل من قوله بينة لأنها مفسرة له وجاز إبدال جملة من مفرد لأنها في معناه (فَذَرُوها) أي فاتركوها (تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ) في الحجر أي الناقة ناقة الله والأرض أرض الله فاتركوها تأكل من إنباتكم (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ) أي ولا تضربوها ولا تقربوا منها شيئا من أنواع الأذى إكراما لآية الله تعالى (فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٧٣) أي بسبب أذاها (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ) أي فلما أهلك الله عادا عمر ثمود بلادها وخلفوهم في الأرض وكثروا وعمروا أعمارا أطوالا (وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ) أي أنزلكم في أرض الحجر بين الحجاز والشام (تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً) أي تبنون من سهولة الأرض قصورا بما تعملون منها من الرهص واللبن والآجر للصيف وسميت