القصور بذلك لقصور الفقراء عن تحصيلها وحبسهم عن نيلها (وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً) أي وتنقبون في الجبال بيوتا للشتاء وذلك لطول أعمارهم فإن السقوف والأبنية كانت تبلى قبل فناء أعمارهم فكان عمر واحد منهم ثلاثمائة سنة إلى سنة كقوم هود (فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ) أي نعمة الله عليكم بعقولكم فإنكم متنعمون مترفهون (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (٧٤) أي ولا تعملوا في الأرض شيئا من أنواع الفساد (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ) أي قال الجماعة الذين تكبروا عن الإيمان بصالح للمساكين الذين آمنوا به. فقوله تعالى : (لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ) بدل من الموصول بإعادة العامل بدل الكل وضمير «منهم» راجع «لقومه». أي قالوا للمؤمنين الذين استرذلوهم بطريق الاستهزاء بهم. (أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ) إليكم (قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ) (٧٥) أي نحن مصدقون بما جاء به صالح (قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) عن امتثال أمر ربهم وهو الذي أوصله الله إليهم على لسان صالح بقوله فذروها تأكل في أرض الله (إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) (٧٦) (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ) أي قتلها قدار بن سالف بأمرهم في يوم الأربعاء فقال لهم صالح : إن آية العذاب أن تصبحوا غدا صفرا ، ثم أن تصبحوا في يوم الجمعة حمرا ، ثم أن تصبحوا يوم السبت سودا ، ثم يصبحكم العذاب يوم الأحد (وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ) أي ارتفعوا فأبوا عن قبول أمر ربهم الذي أمرهم صالح (وَقالُوا) استهزاء (يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا) أي من العذاب (إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) (٧٧) فإنهم كذبوا صالحا في قوله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) أي الزلزلة الشديدة من الأرض والصيحة من السماء (فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ) (٧٨) أي فصاروا في بلدهم خامدين موتى لا يتحركون. والمراد كونهم كذلك عند ابتداء نزول العذاب من غير اضطراب ولا حركة.
روي أنه تعالى لما أهلك عادا قام ثمود مقامهم وطال عمرهم ، وكثر تنعمهم ، ثم عصوا الله وعبدوا الأصنام ، فبعث الله إليهم صالحا ـ وكان منهم ـ فطالبوه بالمعجزة فقال : ما تريدون؟ فقالوا : تخرج معنا في عيدنا ، ونخرج أصناما فتسأل إلهك ونسأل أصنامنا فإذا ظهر أثر دعائك اتبعناك ، وإن ظهر أثر دعائنا اتبعتنا فخرج معهم ودعوا أوثانهم فلم تجبهم ، ثم قال سيدهم جندع بن عمرو لصالح عليهالسلام وأشار إلى صخرة منفردة في ناحية الجبل يقال لتلك الصخرة كائبة : أخرج لنا من هذه الصخرة ناقة كبيرة جوفاء وبراء فإن فعلت ذلك صدقناك ، فأخذ صالح عليهم المواثيق أنه إن فعل ذلك آمنوا فقبلوا ، فصلى ركعتين ودعا الله تعالى ، فتمخضت تلك الصخرة كما تتمخض الحامل ، ثم انفرجت عن ناقة عشراء جوفاء وبراء ، وكانت في غاية الكبر ، ثم نتجت ولدا مثلها في العظم فآمن به جندع ورهط من قومه وأراد أشراف ثمود أن يؤمنوا به فنهاهم ذؤاب بن عمرو والخباب صاحبا أوثانهم ورباب بن صمعر كاهنهم فمكثت الناقة مع