الناس فالرجل يصلح موضعه ، والرجل يسقي ماشيته. والرجل يقوم بسلعته في سوقه ، والرجل يخفض ميزانه ويرفعه».(يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها) أي يسألونك عن كنه ثقل الساعة مشبها حالك عندهم بحال من هو بالغ في العلم بها ، وحقيقة الكلام كأنك مبالغ في السؤال عنها فإن ذلك في حكم المبالغة في العلم بها (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (١٨٧) أي لا يعلمون السبب الذي لأجله أخفيت معرفة وقته المعين عن الخلق (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ) أي أنا لا أدعي علم الغيب إن أنا إلا نذير وبشير. ونظيره قوله تعالى في سورة يونس : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلَّا ما شاءَ اللهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) [يونس : ٤٧ ، ٤٨]. وقيل : إن أهل مكة قالوا : يا محمد ألا أخبرك ربك بالرخص والغلاء حتى نشتري فنربح ، وبالأرض التي تجدب لنرتحل إلى الأرض الخصبة؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية. وقيل : لما رجع النّبيّ صلىاللهعليهوسلم من غزوة بني المصطلق جاءت ريح في الطريق ففرت الدواب منها فأخبر النّبيّ صلىاللهعليهوسلم بموت رفاعة بالمدينة وكان فيه غيظ للمنافقين ، وقال صلىاللهعليهوسلم : «انظروا أين ناقتي؟» فقال عبد الله بن أبي مع قومه : ألا تعجبون من هذا الرجل يخبر عن موت الرجل بالمدينة ولا يعرف أين ناقته فقال صلىاللهعليهوسلم : «إن ناسا من المنافقين قالوا : كيت وكيت ، وكيت وناقتي في هذا الشعب قد تعلق زمامها بشجرة». فوجدوها على ما قال ، فأنزل الله تعالى : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ) أي أن يفعل بي من النفع والضر (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ) أي جلب منافع الدنيا ودفع مضراتها (لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) أي لحصلت كثيرا من الخير بترتيب الأسباب (وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ) لاحترازي عنه باجتناب الأسباب (إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ) من النار (وَبَشِيرٌ) بالجنة (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (١٨٨) بالجنة والنار (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) هو آدم عليهالسلام (وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها) حواء خلقها الله من ضلع آدم من غير أذى (لِيَسْكُنَ إِلَيْها) أي ليستأنس بها (فَلَمَّا تَغَشَّاها) أي جامعها (حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً) في مبادئ الأمر (فَمَرَّتْ بِهِ) أي فاستمرت بالحمل على سبيل الخفة وكانت تقوم وتقعد وتمشي من غير ثقل (فَلَمَّا أَثْقَلَتْ) أي صارت ذات ثقل لكبر الولد في بطنها (دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما) أي آدم وحواء (لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً) أي ولدا سويا مثلنا (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (١٨٩) لنعمائك (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً) أي ولدا آدميا مستوى الأعضاء خاليا من العوج والعرج (جَعَلا لَهُ) تعالى (شُرَكاءَ فِيما آتاهُما) أي في تسمية ما آتاهما من الولد.
وقيل : لما آتاهما ذلك الولد السوي الصالح عزما على أن يجعلاه وقفا على خدمة الله وطاعته وعبوديته على الإطلاق ، ثم بدا لهما في ذلك فتارة كانوا ينتفعون به في مصالح الدنيا ومنافعها ، وتارة كانوا يأمرونه بخدمة الله وطاعته وهذا العمل وإن كان منا قربة وطاعة إلا أن حسنات الأبرار سيئات المقربين. وقيل : لما ثقل الولد في بطنها أتاها إبليس في صورة رجل ، وقال : ما هذا يا حواء إني أخاف أن يكون كلبا أو بهيمة وما يدريك من أين يخرج أمن دبرك