فيقتلك ، أو ينشق بطنك. فخافت حواء وذكرت ذلك لآدم عليهالسلام فلم يزالا في همّ من ذلك ، ثم أتاها وقال : إن سألت الله أن يجعله صالحا سويا مثلك ويسهل خروجه من بطنك تسميه عبد الحارث ، وكان اسم إبليس في الملائكة الحارث ، فآدم وحواء سميا ذلك الولد بعبد الحارث ، تنبيها على أنه إنما سلم من الآفات ببركة دعاء هذا الشخص المسمى بالحارث فلما حصل الاشتراك في لفظ العبد لا جرم صار آدم عليهالسلام معاتبا في هذا العمل بسبب الاشتراك الحاصل في مجرد لفظ العبد وهذا لا يقدح في كون الولد عبد الله من جهة كونه مملوكه ومخلوقه إلا أنا قد ذكرنا أن حسنات الأبرار سيئات المقربين (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (١٩٠). قيل : إن المشركين كانوا يقولون : إن آدم عليهالسلام كان يعبد الأصنام ويرجع في طلب الخير ودفع الشر إليها فذكر تعالى قصة آدم وحواء ، وذكر أنه تعالى لو آتاهما ولدا سويا صالحا لاستقلوا بشكر تلك النعمة ، ثم قال تعالى : (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ) فقوله تعالى : (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ) ورد بمعنى الاستفهام على سبيل الإنكار والتبعيد والتقدير فلما آتاهما صالحا أجعلا له شركاء فيما آتاهما. ثم قال تعالى : (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) أي تعالى الله عن شرك هؤلاء المشركين الذين يقولون بالشرك وينسبونه إلى آدم (أَيُشْرِكُونَ) بالله تعالى في العبادة (ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً) ومن حق المعبود أن يكون خالقا لعابده ، والعبد غير خالق لأفعاله لأن من كان خالقا كان إلها ، ولما كان ذلك باطلا علمنا أن العبد غير خالق لأفعال نفسه (وَهُمْ) أي الأصنام (يُخْلَقُونَ) (١٩١) فهي منحوتة ، أو المعنى والكافرون مخلوقون فلو تفكروا في ذلك لآمنوا ولا يشركون بالخالق شيئا (وَلا يَسْتَطِيعُونَ) أي الأصنام (لَهُمْ) أي لعبدتهم (نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) (١٩٢) أي إن الأصنام لا تنصر من أطاعها ولا تدفع عن أنفسها مكروها فإن من أراد كسرها لم تقدر على دفعه عنها ، والمعبود يجب أن يكون قادرا على إيصال النفع ودفع الضرر وهذه الأصنام ليست كذلك فكيف يليق بالعاقل عبادتها (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ) أي وإن تدعوا يا معشر الكفار الأصنام إلى أن يهدوكم إلى الحق لا يجيبوكم كما يجيبكم الله (سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) (١٩٣) أي مستو عليكم في عدم الإفادة دعاؤكم لهم وسكوتكم فلا يتغير حالكم في الحالين كما لا يتغير حالهم عن حكم الجمادية (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) أي إن الذين تعبدونهم من دونه تعالى من الأصنام وتسمونهم آلهة مماثلة لكم من حيث إنها مملوكة لله تعالى مسخرة لأمره عاجزة عن النفع والضر (فَادْعُوهُمْ) في جلب نفع أو كشف ضر (فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٩٤) في ادعاء أنها آلهة ومستحقة للعبادة (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها) أي بل ألهم أيد يأخذون بها ما يرون أخذه (أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها)؟ وقد قرئ إن الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم على إعمال إن النافية عمل ما الحجازية أي ما الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم بل