وروي أنه نزل جبريل بخمسمائة ، وقاتل بها في يمين العسكر وفيه أبو بكر ، ونزل ميكائيل بخمسمائة قاتل بها في يسار الجيش وفيه على (وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى) أي وما جعل إمدادكم بإنزال الملائكة عيانا إلا للبشرى لكم بأنكم تنصرون (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ) أي بالأمداد (قُلُوبُكُمْ) كما كانت السكينة لبني إسرائيل كذلك (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) لا من عند غيره أي إن الله ينصركم أيها المؤمنون فثقوا بنصره ، ولا تتكلوا على قوتكم (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) أي قاهر لا يقهر ، (حَكِيمٌ) (١٠) فيما ينزل من النصرة فيضعها في موضعها (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ) أي يجعل الله النعاس مغطيا لكم آمنا من خوف العدو من الله تعالى وإذ بدل ثان من إذ يعدكم.
قال الزجاج : محلها نصب على الظرفية ، والمعنى وما جعله الله إلا بشرى في ذلك الوقت.
قرأ العامة «يغشيكم» بضم الياء والفتح الغين وتشديد الشين ، وقرأ نافع بضم الياء وسكون الغين والفاعل في الوجهين هو الله تعالى ، وقرأ أبو عمر وابن كثير «يغشاكم» بفتح الياء والشين وسكون الغين و «النعاس» فاعل ، أي إذ يلقى عليكم النوم الخفيف أمانا من الله لكم من عدوكم أن يغلبكم ، وحصول النوم لهم في وقت الخوف الشديد يدل على زوال الخوف (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً). قرأ ابن كثير وأبو عمرو بسكون النون (لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) من الأحداث ، وفي الخبر : «أن المشركين سبقوا إلى موضع الماء وطمعوا لهذا السبب أن تكون لهم الغلبة ، وعطش المؤمنون وخافوا من أن يأتيهم العدو في تلك الحالة ، وأكثرهم احتملوا وموضعهم كان رملا تغوص فيه الأرجل ، ويرتفع فيه الغبار الكثير. وكان الخوف في قلوبهم شديدا بسبب كثرة العدو وكثرة آلتهم ، فلما أنزل الله ذلك المطر صار ذلك دليلا على حصول النصرة وعظمت النعمة به» (وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ) أي وسوسته. روي أنهم لما ناموا واحتلم أكثرهم تمثل لهم إبليس وقال : أنتم تزعمون أنكم على الحق وأنتم تصلون على الجنابة وقد عطشتم ولو كنتم على الحق لما غلبوكم على الماء ، فأنزل الله تعالى المطر حتى جرى الوادي ، واتخذ المسلمون حيضانا واغتسلوا وتلبد الرمل حتى ثبتت عليه الأقدام (وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ) أي ليحفظ قلوبكم بالصبر (وَيُثَبِّتَ بِهِ) أي الماء (الْأَقْدامَ) (١١) على الرمل فقدروا على المشي عليه كيف أرادوا (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ) فإنه تعالى أوحى إلى الملائكة أني مع المؤمنين (فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا) أي فانصروهم وبشروهم بالنصرة.
وقد روي أنه كان الملك يتشبه بالرجل الذي يعرفونه بوجهه فيأتي ويقول : إني سمعت المشركين يقولون : والله لئن حملوا علينا لننكشفن ويمشي بين الصفين فيقول : أبشروا فإن الله تعالى ناصركم (سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) أي المخافة من محمد صلىاللهعليهوسلم وأصحابه (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ) (١٢) أي فاضربوا رؤوسهم واضربوا أطراف