الأصابع ، أي اضربوهم في جميع الأعضاء من أعاليها إلى أسافلها كيف شئتم لأن الله تعالى ذكر الأشرف والأخس فهو إشارة إلى كل الأعضاء. (ذلِكَ) أي لقاؤهم الخزي من الوجوه الكثيرة (بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ) أي خالفوهما في الأوامر والنواهي (وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (١٣) أي ومن يخالفهما فإن الله يعاقبه في القيامة وهو شديد العقاب فالذي نزل بهم في ذلك اليوم قليل بالنسبة لما أعده الله لهم من العقاب في القيامة (ذلِكُمْ) أي الأمر ذلكم فالخطاب للكفرة (فَذُوقُوهُ) في الدنيا (وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ) (١٤) والمعنى حكم الله ذلكم من أن ثبوت هذا العقاب لكم عاجلا وثبوت عذاب النار لكم آجلا (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً) أي مثل الزاحفين على أدبارهم في بطء السير لاجتماعهم (فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ) (١٥) أي لا تجعلوا ظهوركم مما يليهم قل قابلوهم وقاتلوهم مع قلتكم (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ) أي يوم اللقاء (دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ) بأن يخيل عدوه أنه منهزم ، ثم ينعطف عليه (أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ) أي متنحيا إلى جماعة أخرى من المؤمنين لينضم إليهم ، ثم يقاتل معهم العدو (فَقَدْ باءَ) أي رجع (بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (١٦) والفرار من الزحف من أكبر الكبائر إذا لم يزد العدد على الضعف (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ) أنتم بقوتكم (وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ) لتسليطكم عليهم وإلقاء الرعب في قلوبهم ، أي فلم تؤثر قوتكم في قتلهم ولكن التأثير لله (وَما رَمَيْتَ) يا أكرم الرسل (إِذْ رَمَيْتَ) أي وما رميت في الحقيقة وقت رميت التراب إلى وجوه المشركين (وَلكِنَّ اللهَ رَمى) أي أوصل رميك إليهم.
روي أنه لما طلعت قريش من العقنقل قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هذه قريش قد جاءت بخيلائها وفخرها يكذبون رسولك اللهم إني أسألك ما وعدتني». فنزل إليه جبريل وقال له : خذ قبضة من تراب فارمهم بها ، فلما التقى الجمعان قال صلىاللهعليهوسلم لعلي رضياللهعنه : «أعطني قبضة من التراب من حصباء الوادي ، فرمى بها في وجوههم وقال : شاهدت الوجوه فلم يبق مشرك إلا شغل بعينيه» فانهزموا وردفهم المسلمون يقتلونهم ويأسرونهم.
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي «ولكن الله قتلهم» ، «ولكن الله رمى» بكسر النون مخففة ورفع اسم الجلالة (وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً) أي ولينعم الله عليهم من رمي التراب نعمة عظيمة بالنصر والغنيمة والثواب ، وهذا معطوف على قوله تعالى : (وَلكِنَّ اللهَ رَمى). (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) لاستغاثتهم (عَلِيمٌ) (١٧) بأحوال قلوبهم الداعية إلى الإجابة (ذلِكُمْ) أي الأمر ذلكم أي البلاء الحسن (وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ) (١٨) معطوف على ذلكم. وقرأ حفص عن عاصم موهن كيد بالإضافة وسكون الواو. وقرأ ابن عامر والكوفيون بعدم الإضافة ، ونافع وابن كثير وأبو عمرو كذلك لكن مع فتح الواو وتشديد الهاء أي والأمر أن الله مضعف صنيع الكافرين