وإعلامهم بالحرب بل يفعل كما فعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأهل مكة فإنهم لما نقضوا العهد بقتل خزاعة وهم في ذمة النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وصل إليهم جيش النّبيّ صلىاللهعليهوسلم بمر الظهران وذلك على أربع فراسخ من مكة (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا).
قرأ ابن عامر وحفص عن عاصم بالياء التحتية ، أي ولا يحسبنّ الذين كفروا من قريش أنفسهم فاتوا من عذابنا بهر بهم يوم بدر. وقرأ الباقون بالتاء الفوقانية على مخاطبة النبي صلىاللهعليهوسلم أي ولا تحسبن يا أشرف الخلق الذين كفروا الذين خلصوا منك في بدر فائتين من عذابنا (إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ) (٥٩) أي إنهم بهذا الفرار لا يعجزون الله من الانتقام منهم إما بالقتل في الدنيا ، وإما بعذاب النار في الآخرة. وقرأ ابن عامر «أنهم» بفتح الهمزة على التعليل (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ). قيل : إنه لما اتفق لأصحاب النّبيّ صلىاللهعليهوسلم في قصة بدر أنهم قصدوا الكفار بلا آلة أمرهم الله تعالى أن لا يعودوا لمثله فقال : (وَأَعِدُّوا) إلخ أي هيئوا لحرب الكفار ما استطعتم من كل ما يتقوى به في الحرب من كل ما هو آلة للجهاد ومن الخيل المربوط سواء كان من الفحول أو من الإناث.
وروي أنه كانت الصحابة يستحبون ذكور الخيل عند الصفوف وإناث الخيل عند البيات والغارات (تُرْهِبُونَ بِهِ) أي بذلك الإعداد. وقرئ تخزون (عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) وهم كفار مكة (وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ) أي من غير كفار مكة من الكفرة (لا تَعْلَمُونَهُمُ) على ما هم عليه من العداوة. أي فإن تكثير آلات الجهاد كما يرهب الأعداء الذين نعلم كونهم أعداء كذلك يرهب الأعداء الذين لا نعلم أنهم أعداء ، سواء كانوا مسلمين أو كفارا (اللهُ يَعْلَمُهُمْ) لا غيره. (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ) قل أو جل (فِي سَبِيلِ اللهِ) أي في طاعة الله في الجهاد وفي سائر وجوه الخيرات (يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) أي لا يضيع الله في الآخرة أجره ويعجل عوضه في الدنيا (وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) (٦٠) أي لا تنقصون من الأجر (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها) أي وإن مال الكفار للصلح بوقوع الرهبة في قلوبهم بمشاهدة ما بكم من الاستعداد فاقبله. وقرأ أبو بكر عن عاصم «للسلم» بكسر السين. وقرئ «فاجنح» بضم النون. (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) أي فوّض الأمر فيما عقدته معهم إلى الله ليكون عونا لك على السلام ، ولكي ينصرك عليهم إذا نقضوا العهد (إِنَّهُ) تعالى : (هُوَ السَّمِيعُ) لما يقولون في خلواتهم من مقالات الخداع ، (الْعَلِيمُ) (٦١) بنياتهم فيؤاخذهم بما يستحقونه ويرد كيدهم في نحرهم (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ) أي وإن يريدوا الكفار بإظهار الصلح خديعتك لتكف عنهم فاعلم أن الله كافيك من شرورهم وناصرك عليهم (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ) أي قواك ببصره في سائر أيامك (وَبِالْمُؤْمِنِينَ) (٦٢) من المهاجرين والأنصار (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) أي إن النّبيّ صلىاللهعليهوسلم بعث إلى