أمرك ، فأما إذ أخبرتني بذلك فلا ريب وأمر ابني أخيه عقيلا ونوفل بن الحارث فأسلما ، قال العباس : فأبدلني الله خيرا مما أخذ مني ، ولي الآن عشرون عبدا كلهم تاجر يضرب بمال كثير أدناهم يضرب بعشرين ألفا وأعطاني زمزم وما أحب أن لي بها جميع أموال أهل مكة وأنا أنتظر المغفرة من ربي.
وروي أنه قدم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم مال البحرين ثمانون ألفا ، فتوضأ لصلاة الظهر وما صلى حتى فرقه ، وأمر العباس أن يأخذ منه فأخذ منه ما قدر على حمله ، وكان يقول : هذا خير مما أخذ مني وأنا أرجو المغفرة (وَإِنْ يُرِيدُوا) أي الأسرى (خِيانَتَكَ) أي بنقض العهد ، فاعلم أنه سيمكّنك منهم فإنه صلىاللهعليهوسلم كلما أطلقهم من الأسر عهد معهم أن لا يعودوا إلى محاربته صلىاللهعليهوسلم ، وإلى معاهدة المشركين بالعون عليه صلىاللهعليهوسلم (فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ) أي من (قَبْلُ) هذا بما أقدموا عليه من محاربة الرسول يوم بدر (فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ) أي أقدر المؤمنين عليهم قتلا وأسرا في بدر (وَاللهُ عَلِيمٌ) أي ببواطنهم (حَكِيمٌ) (٧١) يفعل كل ما يفعله حسبما تقتضيه حكمته البالغة (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) بمحمد والقرآن (وَهاجَرُوا) من مكة إلى المدينة حبا لله تعالى ولرسوله (وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ) بأن صرفوها إلى السلاح وأنفقوها على المحاويج (وَأَنْفُسِهِمْ) بمباشرة القتال ، وبالخوض في المهالك (فِي سَبِيلِ اللهِ) أي في طاعة الله (وَالَّذِينَ آوَوْا) أي أنزلوا المهاجرين منازلهم (وَنَصَرُوا) لهم على أعدائهم يوم بدر (أُولئِكَ) أي الموصوفون بما ذكر (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) أي يكونون يدا واحدة على الأعداء ويكون حب كل واحد للآخر جاريا مجرى حبه لنفسه (وَالَّذِينَ آمَنُوا) بمحمد والقرآن (وَلَمْ يُهاجِرُوا) من مكة إلى المدينة (ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ) أي من تعظيمهم (مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا) فلو هاجروا لحصل الإكرام والإجلال.
وقرأ حمزة «من ولايتهم» بكسر الواو. والباقون بالفتح (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) أي إن قطع التعظيم بين تلك الطائفة ليس كما في حق الكفار بل هؤلاء لو استعانوكم في الدين على المشركين فواجب عليكم أن تعاونوهم عليهم إلا على قوم منهم بينكم معاهدة فإنه لا يجوز لكم نقض عهدهم بنصرهم عليهم إذ الميثاق مانع من ذلك (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٧٢) فلا تخالفوا أمره كي لا يحل بكم عقابه (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) أي في النصرة فإن كفار قريش كانوا في غاية العداوة لليهود فلما ظهرت دعوة محمد صلىاللهعليهوسلم تعاونوا على إيذائه ومحاربته والمشركون واليهود والنصارى لما اشتركوا في عداوة محمد صلىاللهعليهوسلم صارت هذه الجهة سببا لانضمام بعضهم إلى بعض وقرب بعضهم من بعض. وتلك العداوة لمحض الحسد لا لأجل الدين ، لأن كل واحد منهم كان في نهاية الإنكار لدين صاحبه (إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ) (٧٣) أي إن لم تفعلوا ما أمرتكم به من التواصل