سورة التوبة
مدنية ، وقد قيل : إلا الآيتين آخرها فإنهما مكيتان ، مائة وتسع وعشرون آية ، ألفان
وخمسمائة وست كلمات ، أحد عشر ألفا ومائة وخمسة عشر حرفا. والصحيح أن
التسمية لم تكتب لأن جبريل عليهالسلام ما نزل بها في هذه السورة. قاله القشيري
(بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١) أي هذه براءة من جهة الله تعالى ورسوله واصلة إلى الذين عاهدتم من المشركين ، فإن الله قد أذن في معاهدة المشركين فاتفق المسلمون مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعاهدهم. ثم إن المشركين نقضوا العهد فأوجب الله النبذ إليهم ، فخوطب المسلمون بما يحذرهم من ذلك. وقيل : اعلموا أن الله ورسوله قد برئا مما عاهدتم من المشركين (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) أي سيروا أيها المشركون كيف شئتم آمنين من القتل والقتال في هذه المدة من يوم النحر.
روي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أراد أن يحج سنة تسع فقيل له : المشركون يحضرون ويطوفون بالبيت عراة فقال : «لا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك» فبعث أبا بكر تلك السنة أميرا على الموسم ليقيم للناس الحج ، وبعث معه أربعين آية من صدر براءة ، ليقرأها على أهل الموسم ، ثم بعث بعده عليا على ناقته العضباء ليقرأ على الناس صدر براءة وأمره أن يؤذن بمكة ومنى وعرفة أن قد برئت ذمة الله وذمة رسول الله صلىاللهعليهوسلم من كل شرك ، ولا يطوف بالبيت عريان. فسار أبو بكر أميرا على الحاج ، وعلي ابن أبي طالب يؤذن ببراءة ، فلما كان قبل يوم التروية بيوم قام أبو بكر رضياللهعنه فخطب الناس وحدّثهم عن مناسكهم ، وأقام للناس الحج والعرب في تلك السنة على معاهدهم التي كانوا عليها في الجاهلية من أمر الحج ، حتى إذا كان يوم النحر قام علي بن أبي طالب رضياللهعنه فأذّن في الناس بالذي أمر به ، وقرأ عليهم أول سورة براءة وقال علي : بعثت بأربع : لا يطوف بالبيت عريان ، ومن كان بينه وبين النبي صلىاللهعليهوسلم عهد فهو إلى مدته ، ومن لم يكن له عهد فأجله أربعة أشهر ، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ، ولا يجتمع المشركون والمسلمون بعد عامهم هذا في الحج. فقال المشركون لعلي عند ذلك : أبلغ ابن عمك أنا قد نبذنا العهد وراء