قرأ عاصم «نعف» و «نعذب» بالنون مبنيا للفاعل و «طائفة» بالنصب. والباقون «يعف» بالياء و «تعذب» بالتاء بالبناء للمفعول ، و «طائفة» بالرفع.
روي أن الطائفتين كانوا ثلاثة فالواحد : طائفة وهو : جهير بن حمير. والاثنان : طائفة وهما وديعة بن جذام ، وجد بن قيس. فالذي عفى عنه جهير بن حمير لأنه كان ضحك معهم ولم يستهزئ معهم فلما نزلت هذه الآية تاب من نفاقه وقال : اللهم إني لا أزال أسمع آية تقشعر منها الجلود وتخفق منها القلوب ، اللهم اجعل وفاتي قتلا في سبيلك لا يقول أحد أنا غسلت ، أنا كفنت ، أنا دفنت فأصيب يوم اليمامة فلم يعرف أحد من المسلمين مصرعه (بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ) (٦٦) أي مستمرين على النفاق والاستهزاء فأوجب التعذيب (الْمُنافِقُونَ) وكانوا ثلاثمائة (وَالْمُنافِقاتُ) وكن مائة وسبعين (بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) أي متشابهون في صفة النفاق والأفعال الخبيثة (يَأْمُرُونَ) أي يأمر بعضهم بعضا (بِالْمُنْكَرِ) أي بالكفر والمعاصي (وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ) أي عن الإيمان والطاعة (وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ) عن كل خير من زكاة وصدقة وإنفاق في سبيل الله (نَسُوا اللهَ) أي تركوا أمر الله (فَنَسِيَهُمْ) أي فجازاهم بتركهم من رحمته (إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٦٧) أي الكاملون في الفسق الذي هو الانسلاخ من كل خير (وَعَدَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ) أي المجاهرين بالكفر (نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها) فالنار المخلدة من أعظم العقوبات (هِيَ حَسْبُهُمْ) أي تلك العقوبة كافية ولا شيء أبلغ منها ولا يمكن الزيادة عليها (وَلَعَنَهُمُ اللهُ) أي أهانهم الله بالذم ملحقا بتلك العقوبة (وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) (٦٨) غير النار كالزمهرير وكمقاساة تعب النفاق في الدنيا إذ هم دائما في حذر من أن يطلع المسلمون على نفاقهم (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) أي فعلكم أيها المنافقون كفعل الكفار الذين كانوا قبلكم في الأمر بالمنكر ، والنهي عن المعروف ، وقبض الأيدي عن الخيرات (كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً) في الأبدان (وَأَكْثَرَ أَمْوالاً وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ) أي فتمتعوا مدة بنصيبهم من لذات الدنيا (فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ) أي فأنتم أيها المنافقون استمتعتم بنصيبكم استمتاعا كاستمتاع الكفار الذين من قبلكم بحظوظهم الخسيسة من الشهوات الفانية (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا) أي وتلبستم بتكذيب الأنبياء في السر وبالمكر والغدر بهم كالتلبس الذي تلبسوا به من تكذيب أنبياء الله والغدر بهم (أُولئِكَ) الموصوفون بالأفعال الذميمة (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) أي بطلت حسناتهم بسبب الفقر والانتقال من العز إلى الذل ، ومن القوة إلى الضعف ، وبسبب الموت في الآخرة بسبب أنهم يعاقبون أشد العقاب (وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (٦٩) حيث أتعبوا أنفسهم في الرد على الأنبياء فما وجدوا منه إلا فوات الخيرات في الدنيا والآخرة ، وإلا حصول العقاب في الدنيا والآخرة (أَلَمْ يَأْتِهِمْ) أي