فنزلت هذه الآية فامتنع صلىاللهعليهوسلم من الصلاة عليه وإنما دفع القميص إليه تطييبا لقلب ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي وإكراما له ، لأنه كان من الصالحين ، ولأن العباس عم رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما أخذ أسيرا ببدر لم يجدوا له قميصا وكان رجلا طويلا فكساه عبد الله بن أبي قميصه بأمره صلىاللهعليهوسلم. (وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ) بتمتيعهم بالأموال والأولاد (أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا) بمكابدتهم الشدائد في شأنها (وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ) (٨٥) أي فيموتوا كافرين باشتغالهم بالتمتع بها (وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) من القرآن مشتملة على الأمر (أَنْ آمِنُوا بِاللهِ وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ) في التخلف عن الغزو (أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ) أي ذوو السعة في المال والقدرة على الجهاد بالبدن من رؤساء المنافقين عبد الله بن أبي وجد بن قيس ومعتب بن قيس (وَقالُوا ذَرْنا) يا محمد (نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ) (٨٦) أي من الضعفاء من الناس ، والساكنين في البلد بغير عذر (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ) أي مع النساء اللاتي يلزمن البيوت (وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ) أي منعت من حصول الإيمان (فَهُمْ) بسبب ذلك (لا يَفْقَهُونَ) (٨٧) أي لا يفهمون أسرار حكمة الله في الأمر بالجهاد (لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) أي إن تخلف هؤلاء المنافقون عن العزو فقد توجه إليه من هو خير منهم وأخلص نية واعتقادا (وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ) أي منافع الدارين : النصر والغنيمة في الدنيا ، والجنة والكرامة في الآخرة. (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٨٨) أي المتخلصون من السخط والعذاب (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ) أي هيأ لهم في الآخرة (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) أي مقيمين في الجنة (ذلِكَ) أي نيل الكرامة العظمى (الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٨٩) الذي لا فوز وراءه (وَجاءَ) إليك يا أشرف الخلق (الْمُعَذِّرُونَ) أي الذين أتوا بأعذار كاذبة وتكلفوا عذرا بباطل (مِنَ الْأَعْرابِ) أي من بني غفار (لِيُؤْذَنَ لَهُمْ) بالتخلف عن غزوة تبوك فلم يعذرهم الله (وَقَعَدَ) عن الجهاد بغير إذن (الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) في ادعائهم الإيمان وهم منافقو الأعراب الذين لم يجيئوا إلى الرسول ولم يعتذروا. (سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ) أي المعذرين لا من أسلم منهم (عَذابٌ أَلِيمٌ) (٩٠) في الدنيا بالقتل ، وفي الآخرة بالنار. (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ) كالشيوخ (وَلا عَلَى الْمَرْضى) من الشباب (وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ) في الجهاد من الزاد والراحلة لفقرهم كمزينة وجهينة وبني عذرة (حَرَجٌ) أي إثم في التخلف عن الجهاد (إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) أي آمنوا بهما وأطاعوا لهما في السر والعلن (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) أي ليس عليهم طريق إلى ذمهم (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٩١) (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ) (٩٢) أي وليس على من أتوك يسألوك أن تحملهم إلى غزوة تبوك ، ثم خرجوا من عندك يبكون لعدم وجدان ما ينفقون في الجهاد سبيل في لومهم ، ولذلك سموا البكائين ، وهم سبعة من الأنصار : معقل بن يسار ، وصخر بن خنساء ، وعبد الله بن كعب ، وسالم بن عمير ،