وثعلبة بن عنمة ، وعبد الله بن مغفل ، وعبد الله بن زيد فإنهم أتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا : نذرنا الخروج فاحملنا على الخفاف المرقوعة والنعال المخصوفة نغز معك فقال صلىاللهعليهوسلم : «لا أجد ما أحملكم عليه» (١) فتولوا وهم يبكون ، فحمل العباس منهم اثنين ، وعثمان ثلاثة زيادة على الجيش الذي جهزه وهو ألف وحمل يامين بن عمرو النضري اثنين (إِنَّمَا السَّبِيلُ) بالمعاتبة (عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ) في التخلف (وَهُمْ أَغْنِياءُ) أي قادرون على أهبة الخروج معك (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ) أي رضوا بالدناءة والانتظام في جملة النساء (وَطَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ) لأجل ذلك الطبع (لا يَعْلَمُونَ) (٩٣) ما في الجهاد من منافع الدين والدنيا (يَعْتَذِرُونَ) أي هؤلاء المنافقون وهم بضع وثمانون رجلا (إِلَيْكُمْ) في التخلف (إِذا رَجَعْتُمْ) من عزوة تبوك (إِلَيْهِمْ) بالأعذار الباطلة. (قُلْ) يا أشرف الخلق لهم : (لا تَعْتَذِرُوا) بما عندكم من المعاذير (لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ) أي لن نصدقكم فيما تقولون من العلل أبدا (قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ) أي قد أعلمنا الله بعض أحوالكم مما في ضمائركم من الخبث والنفاق والمكر (وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) أي وسيقع عملكم معلوما لله ولرسوله هل تبقون على نفاقكم أم تتوبون منه (ثُمَّ تُرَدُّونَ) يوم القيامة (إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) للجزاء مما ظهر منكم من الأعمال (فَيُنَبِّئُكُمْ) عند وقوفكم بين يديه (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٩٤) في الدنيا. أي فيجازيكم عليه (سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ) أي إذا رجعتم إليهم من تبوك أنهم معذورون في التخلف (لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ) أي لتعرضوا عن ذمهم إعراض الصفح (فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ) إعراض المقت وترك الكلام. قال مقاتل : قال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم حين قدم المدينة : «لا تجالسوهم ولا تكلموهم» (٢) (إِنَّهُمْ رِجْسٌ) أي إن خبث باطنهم رجس روحاني ، فكما يجب على الإنسان الاحتراز عن الأرجاس الجسمانية يجب الاحتراز عن الأرجاس الروحانية حذرا من أن يميل طبع الإنسان إلى الأعمال القبيحة (وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) أي وكفتهم النار توبيخا فلا تتكلفوا أنتم في ذلك (جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٩٥) في الدنيا من فنون السيئات (يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ) بالحلف وتستديموا عليهم ما كنتم تفعلون بهم (فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) (٩٦) أي فإن رضيتم أيها المؤمنون عنهم بما حلفوا لكم فلا ينفعهم رضاكم ، لأن الله ساخط عليهم ولا أثر لرضاكم لكون إرادتكم مخالفة لإرادة الله تعالى وذلك لا يجوز. (الْأَعْرابُ) أي جنس أهل البدو (أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً) من أهل الحضر لتوحشهم واستيلاء
__________________
(١) رواه البيهقي في دلائل النبوة (٥ : ٣١٨) ، والسيوطي في الدر المنثور (٣ : ٢٦٨) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٣ : ٤٨٥).
(٢) رواه ابن الجوزي في زاد المسير (٣ : ٤٧٨).