(وَعِيسى) من الإنجيل (وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ) من كتبهم والمعجزات (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) كدأب اليهود والنصارى آمنوا ببعض وكفروا ببعض بل نؤمن بجميعهم (وَنَحْنُ لَهُ) أي لله (مُسْلِمُونَ) (١٣٦) أي مخلصون (فَإِنْ آمَنُوا) أي اليهود والنصارى (بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا) أي فإن آمنوا بالتوراة من غير تصحيف وتحريف كما أنكم آمنتم بالقرآن من غير تصحيف وتحريف فقد اهتدوا لأنهم يتوصلون بذلك إلى معرفة نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم. أو المعنى فإن صاروا مؤمنين بمثل ما به صرتم مؤمنين فقد اهتدوا من الضلالة بدين محمد وإبراهيم (وَإِنْ تَوَلَّوْا) أي أعرضوا عن الإيمان بالنبيين وكتبهم (فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ) أي فإنما هم مستقرون في خلاف عظيم بعيد من الحق (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ) أي سيكفيك الله شقاقهم وقد أنجز الله تعالى وعده بقتل بني قريظة وسبيهم وإجلاء بني النضير وضرب الجزية عليهم (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (١٣٧) فيدرك ما يقولون وما يضمرون وقادر على عقوبتهم (صِبْغَةَ اللهِ) أي اطلبوا صبغة الله وهي دين الإسلام عبّر بها عن الدين لكونه تطهير للمؤمنين من أوضار الكفر وحلية تزينهم بآثارهم الجميلة ومتداخلا في قلوبهم كما أن شأن الصبغ بالنسبة إلى أي ثوب كذلك كما قيل : إنما سمي دين الله بصبغة الله لأن اليهود تصبغ أولادها يهودا ، والنصارى تصبغ أولادها نصارى. بمعنى إنهم يلقنونهم فيصبغونهم بذلك لما يشربون في قلوبهم. فقال تعالى : (صِبْغَةَ اللهِ) أي اتبعوا دين الله. (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) أي لا صبغة أحسن من صبغته تعالى لأنه تعالى يصبغ عباده بالإيمان ويطهرهم به من أوساخ الكفر (وَنَحْنُ لَهُ) أي لله الذي أعطانا تلك النعمة الجليلة (عابِدُونَ) (١٣٨) شكرا لها ولسائر نعمه (قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللهِ) أي في شأن الله أن اصطفى رسوله من العرب لا منكم وتقولون : لو أنزل الله على أحد لأنزل عليكم وترونكم أحق بالنبوة منا (وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ) فإنه أعلم بتدبير خلقه وبمن يصلح للرسالة وبمن لا يصلح لها فلا تعترضوا على ربكم فإن العبد ليس له أن يعترض على ربه بل يجب عليه تفويض الأمر بالكلية له (وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) أي لا يرجع إلينا من أفعالكم ضرر وإنما مرادنا نصحكم وإرشادكم (وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ) (١٣٩) في العبودية ولستم كذلك فنحن أولى بالاصطفاء (أَمْ تَقُولُونَ).
قرأه ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم بالتاء على المخاطبة فـ «أم» يحتمل أن تكون متصلة معادلة للهمزة والتقدير بأيّ الحجتين تتعلقون في أمرنا بالتوحيد أم باتباع دين الأنبياء ، وأن تكون منقطعة مقدرة ببل والهمزة دالة على الانتقال من التوبيخ على المحاجة إلى التوبيخ على الافتراء على الأنبياء عليهمالسلام. وقرأه الباقون بالياء على صيغة الغيبة فـ «أم» منقطعة غير داخلة تحت الأمر واردة من الله تعالى توبيخا لهم لا من جهة رسول الله صلىاللهعليهوسلم على نهج الالتفات. (إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ) أي أولاد يعقوب (كانُوا) قبل نزول التوراة والإنجيل (هُوداً أَوْ نَصارى قُلْ) يا أشرف الخلق لهم : (أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ) بدينهم (أَمِ