النطفة ، والطائر من البيضة ، وأن يخرج النطفة من الإنسان ، والبيضة من الطائر (وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) أي من يدبر أحوال العالم جميعا (فَسَيَقُولُونَ اللهُ) أي إن الرسول إذا سألهم عن مدبر هذه الأحوال كانوا يعرفون الله وهم الذين قالوا في عبادتهم للأصنام : إنها تقربنا إلى الله وإنها تشفع عند الله وكانوا يعلمون أنها لا تنفع ولا تضر ، فعند ذلك قال الله تعالى لرسوله (فَقُلْ) عند ذلك تبكيتا لهم (أَفَلا تَتَّقُونَ) (٣١) أي أتعلمون ذلك فلا تتقون أن تجعلوا هذه الأوثان شركاء لله في العبودية مع اعترافكم بأن كل الخيرات في الدنيا والآخرة إنما تحصل من رحمة الله وبأن هذه الأوثان لا تنفع ولا تضر ألبتة (فَذلِكُمُ اللهُ) أي فمن هذه قدرته ورحمته هو الله (رَبُّكُمُ الْحَقُ) أي الثابت ربوبيته ثباتا لا ريب فيه (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ) أي ليس غير الحق إلا الضلال أي فإذا ثبت أن عبادة الله حق ثبت أن عبادة غيره من الأصنام ضلال محض إذ لا واسطة بينهما (فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) (٣٢) أي فكيف تمالون من التوحيد إلى الإشراك وعبادة الأصنام (كَذلِكَ) أي مثل صرفهم عن الحق بعد الإقرار به (حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ) أي حكمه (عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا) أي خرجوا عن حد الصلاح (أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٣٣) بدل من كلمة بدل كل من كل (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ) أي هل من الأصنام التي أثبتم شركتها لله في استحقاق العبادة (مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ) أي ينشئ المخلوقات من العدم (ثُمَّ يُعِيدُهُ) في القيامة للجزاء ولما لم يقدروا على الجواب أمر الله رسوله أن ينوب عنهم في الجواب فقال (قُلِ اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (٣٤) أي فكيف تقبلون من الحق إلى الباطل (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِ) أي إلى ما فيه صلاح أمركم فإن أدنى مراتب المعبودية هداية المعبود لعابديه إلى ذلك (قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِ) دون غيره وذلك بنصب الأدلة وإرسال الرسال وإنزال الكتب وبالتوفيق للنظر (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِ) وهو الله تعالى (أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ) أي حقيق أن يطاع ويعبد (أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى) أي أم من لا ينتقل إلى مكان إلا أن ينقل إليه لأن الأصنام خالية عن الحياة والقدرة ، أو المعنى أم من لا يهتدي في حال من الأحوال إلا في حال هدايته تعالى له وهذا حال أشراف شركائهم من الملائكة والمسيح وعزير عليهمالسلام.
وقرأ ابن كثير وابن عامر وورش عن نافع «أم من لا يهدي» بفتح الياء والهاء وتشديد الدال. وقرأ عاصم وحفص بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال. وقرأ حماد ويحيى بن آدم عن أبي بكر عن عاصم بكسر الياء والهاء. وقرأ حمزة والكسائي «يهدي» ساكنة الهاء. (فَما لَكُمْ) أي أيّ شيء ثبت لكم في اتخاذكم هؤلاء شركاء لله تعالى فإنهم عاجزون عن هداية أنفسهم فكيف يمكن أن يهدوا غيرهم (كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (٣٥) أي كيف تحكمون بالباطل وتجعلون لله شركاء (وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا) أي ما يتبع أكثرهم في معتقداتهم إلا ظنا واهيا أما بعضهم فقد يتبعون العلم فيقفون على بطلان الشرك لكن لا يقبلون العلم عنادا ، وفي ذلك دليل على أن تحصيل العلم في الأصول واجب ، والاكتفاء بالتقليد والظن غير جائز (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِ) أي عن العلم (شَيْئاً) من