خطبة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي تواضع كل شيء لعظمته ، وذلّ كل شيء لعزّته ، واستسلم كل شيء لقدرته ، وخضع كل شيء لملكه ، فسبحان الله شارع الأحكام ، المميز بين الحلال والحرام ، أحمده على ما فتح من غوامض العلوم بإخراج الأفهام ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أزال بيانه كل إبهام ، وعلى آله وأصحابه أولي المناقب والأحلام صلاة وسلاما دائمين ما دامت الأيام.
أما بعد ، فيقول أحقر الورى محمد نووي : قد أمرني بعض الأعزة عندي أن أكتب تفسيرا للقرآن المجيد فترددت في ذلك زمانا طويلا خوفا من الدخول في قوله صلىاللهعليهوسلم : «من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ». (١) وفي قوله صلىاللهعليهوسلم : «من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار» (٢). فأجبتهم إلى ذلك للاقتداء بالسلف في تدوين العلم إبقاء على الخلق وليس على فعلي مزيد ولكن لكل زمان تجديد ، وليكون ذلك عونا لي وللقاصرين مثلي وأخذته من الفتوحات الإلهية ومن مفاتيح الغيب ومن السراج المنير ، ومن تنوير المقباس ، ومن تفسير أبي السعود.
وسميته مع الموافقة لتاريخه «مراح لبيد لكشف معنى قرآن مجيد» ، وعلى الكريم الفتّاح اعتمادي ، وإليه تفويضي واستنادي. والآن أشرع بحسن توفيقه وهو المعين لكل من لجأ به.
__________________
(١) رواه أبو داود في كتاب العلم ، باب : الكلام في كتاب الله بغير علم ، والترمذي في كتاب التفسير ، باب : ١. وعند أبي داود بلفظ «كتاب الله عزوجل» بدل «القرآن».
(٢) رواه الترمذي في كتاب التفسير ، ترجمة ، وأحمد في (م ١ / ص ٢٣٣).