أي أيّ شيء يمنع العذاب من المجيء إلينا (أَلا) أي تنبهوا (يَوْمَ يَأْتِيهِمْ) أي العذاب (لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) أي فلا يرفع رافع أبدا عذاب الآخرة ولا يدفع عنهم دافع عذاب الدنيا (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٨) أي أحاط بهم ذلك العذاب (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً) أي أعطيناه نعمة كغنى وصحة (ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ) أي قاطع رجاءه من عود أمثالها لقلة صبره وعدم ثقته بالله (كَفُورٌ) (٩) أي عظيم الكفران لما سلف من النعم (وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ) كصحة بعد سقم وفرج بعد شدة (لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي) أي المصائب التي تحزنني (إِنَّهُ لَفَرِحٌ) أي بطر بالنعم مغتر بها (فَخُورٌ) (١٠) على الناس بما أوتي من النعم مشغول بذلك عن الشكر (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) عند البلاء استسلاما لقضاء الله (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) عند الراحة والخير شكرا على ذلك (أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) عظيمة لذنوبهم وإن جمت (وَأَجْرٌ) أي ثواب (كَبِيرٌ) (١١) لأعمالهم الحسنة (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) فلعل للزجر وللتبعيد أي لا تترك تبليغ بعض ما يوحى إليك من البينات الدالة على حقيقة نبوتك ولا يضق صدرك بتلاوته عليهم في أثناء الدعوة والمحاجة كراهة (أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ) أي على محمد (كَنْزٌ) أي مال كثير مخزون يدل على صدقه (أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ) يصدقه. والمعنى لا تترك التبليغ ولا يضق صدرك به بسبب قول القوم لك إن كنت صادقا في أنك رسول الإله الذي تصفه بالقدرة على كل شيء وبأنك عزيز عنده مع إنك فقير فهلا أنزل عليك ما تستغني به وتغني أحبابك من الكدر والعناء وإن كنت صادقا فهلا أنزل عليك ملكا يشهد لك بالرسالة فتزول الشبهة في أمرك فلما لم يفعل إلهك ذلك فأنت غير صادق فنزل قوله تعالى : (إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ) فلا تبال بما صدر عنهم من الرد والقبول (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) (١٢) أي حفيظ فتوكل عليه في جميع أمورك فإنه فاعل بهم ما يليق بحالهم (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) أي بل أيقولون افترى محمد القرآن من تلقاء نفسه وليس من عند الله (قُلْ) لهم إرخاء للعنان : إن كان الأمر كما تقولون (فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ) أي القرآن في البلاغة وحسن النظم (مُفْتَرَياتٍ) من عند أنفسكم فإنكم أقدر ذلك مني لأنكم عرب فصحاء ممارسون للأشعار ، ومزاولون أنواع النظم والنثر (وَادْعُوا) للمعاونة في المعارضة (مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) أي من الأصنام والكهنة (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٣) في ادعاء كون القرآن مفترى على الله (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا) أي من تدعونهم من دون الله (لَكُمْ) أيها الكفار في الإعانة على المعارضة (فَاعْلَمُوا) يا معشر الكفار (أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ) أي إن الذي أنزل ملتبس بعلم الله أي هو من عند الله إذ لو كان مفترى على الله لوجب أن يقدر الخلق على مثله ولما لم يقدروا عليه ثبت أنه من عند الله (وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أي واعلموا أنه لا شريك له في الألوهية ولا يقدر على ما يقدر هو عليه أحد ، أي لما ثبت عجز الخصوم عن المعارضة ثبت كون القرآن حقا وثبت كون محمد صلىاللهعليهوسلم صادقا في دعوى الرسالة وفي خبره أنه لا إله إلا الله (فَهَلْ