نباتية فانتهاء الحيوانية إلى النبات وهو متولد من الأرض فثبت أن الله تعالى أنشأ الإنسان من الأرض (وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها) أي جعلكم سكان الأرض وصيّركم عامرين لها أو جعلكم معمرين دياركم تسكنونها مدة أعماركم ثم تتركونها لغيركم (فَاسْتَغْفِرُوهُ) أي آمنوا بالله وحده (ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) من عبادة غيره (إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ) بالعلم والسمع والرحمة (مُجِيبٌ) (٦١) دعاء المحتاجين بفضله ورحمته (قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا) أي قبل نهيك إيانا عن عبادة الأوثان لما كنا نرى منك من دلائل السداد ومخايل الرشاد فإنك كنت تعطف على فقرائنا ، وتعين ضعفاءنا ، وتعود مرضانا فقوي رجاؤنا فيك أنك من الأحباب ومن أنصار ديننا فكيف أظهرت العداوة ثم قالوا متعجبين تعجبا شديدا : (أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) أي ما عبدوه من الأوثان (وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ) من التوحيد وترك عبادة الأوثان (مُرِيبٍ) (٦٢) أي موقع في اضطراب القلوب وانتفاء الطمأنينة (قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ) أي أخبروني (إِنْ كُنْتُ) في الحقيقة (عَلى بَيِّنَةٍ) أي بصيرة وبرهان (مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً) أي نبوة (فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ) أي من ينجيني من عذابه (إِنْ عَصَيْتُهُ) أي بالمساهلة في تبليغ الرسالة وفي المجاراة معكم (فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ) (٦٣) أي فما تزيدونني بما تقولون غير بصيرة في خسارتكم أي وما زادني قولكم إلا قولي لكم إنكم لخاسرون (وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً) أي معجزة دالة على صدق نبوتي فإن الله خلقها من الصخرة في جوف الجبل حاملا من غير ذكر على تلك الصورة دفعة واحدة وقد حصل منها لبن كثير يكفي الخلق العظيم (فَذَرُوها) أي فاتركوها (تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ) أي ترع نباتها وتشرب ماءها فليس عليكم كلفة في مؤنتها وكانت هي تنفعهم ولا تضرهم لأنهم كانوا ينتفعون بلبنها (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ) أي لا تضربوها ولا تطردوها ، ولا تقربوها بشيء من السوء (فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ) (٦٤) أي عاجل لا يتراخى عن مسكم بالسوء إلا يسيرا وهو ثلاثة أيام (فَعَقَرُوها) أي فقتلها قدار بن سالف ومصدع بن زهر وقيل : زينت عقرها لهم عنيزة أم غنم ، وصدقة بنت المختار فضربها قدار بأمرهم في رجليها فأوقعها ، فذبحوها وقسموا لحمها على ألف وخمسمائة دار. (فَقالَ) لهم صالح بعد قتلهم لها : (تَمَتَّعُوا) أي عيشوا (فِي دارِكُمْ) أي في بلادكم (ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) من العقر الأربعاء والخميس والجمعة ، ثم يأتيكم العذاب في اليوم الرابع يوم السبت وإنما أقاموا ثلاثة أيام ، لأن الفصيل رغى ثلاثة وانفجرت الصخرة بعد رغائه فدخلها ، ولما عقروا الناقة أنذرهم صالح بنزول العذاب ورغبهم في الإيمان فقالوا : يا صالح وما علامة العذاب؟ فقال : تصير وجوهكم في اليوم الأول : مصفرة ، وفي الثاني : محمرة ، وفي الثالث : مسودة ، وفي الرابع : يأتيكم العذاب صبيحته (ذلِكَ) أي نزول العذاب عقب ثلاثة أيام (وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ) (٦٥) (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا) أي عذابنا (نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) أي ونجينا صالحا والذين آمنوا معه من العذاب النازل بقومه الكافرين ومن