في الملاذ وبنحو التناضل (قالُوا) : لأبيهم. (لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) أي جماعة كثيرة عشرة تكفي الخطوب بآرائنا (إِنَّا إِذاً) أي إذا لم نقدر على حفظ أخينا (لَخاسِرُونَ) (١٤) أي لقوم عاجزون وهذا جواب عن عذر يعقوب الثاني وأما عذره الأول فلم يجيبوا عنه لكون غرضهم إيقاعه في الحزن ، ولكون حقدهم بسبب ذلك العذر وهو شدة حبه له فتغافلوا عنه (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِ) أي فأرسله معهم فلما ذهبوا به وعزموا على جعله في ظلمة البئر فجعلوه فيها.
قال السدي : إن يوسف عليهالسلام لما برز مع إخوته أظهروا له العداوة الشديدة وجعل هذا الأخ يضر به فيستغيث بالآخر فيضربه ولا يرى فيهم رحيما ، فضربوه حتى كادوا يقتلونه وهو يقول : يا يعقوب لو تعلم ما يصنع بابنك لأباك فقال يهوذا : أليس قد أعطيتموني موثقا أن لا تقتلوه. فانطلقوا به إلى الجب يدلونه فيه وهو متعلق بشفير البئر فنزعوا قميصه وكان غرضهم أن يلطخوه بالدم ويعرضوه على يعقوب. فقال لهم : ردوا علي قميصي لأتوارى به. فقالوا : ادع الشمس والقمر والأحد عشر كوكبا لتؤنسك ، ثم دلوه في البئر حتى إذا بلغ نصفها ألقوه ليموت ، وكان في البئر ماء فسقط فيه ، ثم آوى إلى صخرة فقام بها وهو يبكي ، فنادوه فظن أن رحمة أدركتهم فأجابهم فأرادوا أن يرضخوه بصخرة ، فقام يهوذا فمنعهم من ذلك ، وكان يهوذا يأتيه بالطعام وبقي فيها ثلاث ليال.
وروي أنه عليهالسلام لما ألقي في الجب قال : يا شاهدا غير غائب ويا قريبا غير بعيد ، ويا غالبا غير مغلوب اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا.
وروي أن إبراهيم عليهالسلام لما ألقي في النار جرد عن ثيابه فجاءه جبريل عليهالسلام بقميص من حرير الجنة وألبسه إياه ، فدفعه إبراهيم إلى إسحاق ، ودفعه إسحاق إلى يعقوب فجعله يعقوب في تميمة وعلقها في عنق يوسف ، فجاءه جبريل فأخرجه من التميمة وألبسه إياه.
وروي أن جبريل قال له : إذا رهبت شيئا فقل : يا صريخ المستصرخين ويا غوث المستغيثين ، ويا مفرج كرب المكروبين قد ترى مكاني وتعلم حالي ولا يخفى عليك شيء من أمري. فلما قالها يوسف حفته الملائكة واستأنس في الجب. (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ) في الجب إزالة لوحشته عن قلبه ، وتبشيرا له بما يؤول إليه أمره. وكان ابن سبع عشرة سنة. (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا) أي لتخبرن يا يوسف إخوتك بصنيعهم هذا بك بعد هذا اليوم (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (١٥) في ذلك الوقت أنك يوسف حتى تخبرهم لعلو شأنك وبعد حالك عن أوهامك. والمقصود تقوية قلبه بأنه سيحصل له الخلاص عن هذه المحنة ويصيرون تحت قهره وقدرته. (وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ) (١٦) أي لما طرحوا يوسف في الجب رجعوا إلى أبيهم وقت العشاء في ظلمة الليل متباكين.
وقرئ «عشيا» بالتصغير «لعشي» أي آخر النهار. وقرئ «عشى» بالضم والقصر جمع