المتكلم بعد الألف المقصورة ، وقال أبو علي الفارسي : والوجه أن يجعل البشرى اسما للبشارة ، فنادى ذلك بشارة لنفسه كأنه يقول : يا أيتها البشرى هذا الوقت وقتك ولو كنت ممن يخاطب لخوطبت الآن ولأمرت بالحضور ، ويدل على هذا قراءة الباقين «يا بشراي» بفتح ياء المتكلم بعد الياء على الإضافة قالوا : ماذا لك يا مالك؟ قال : (هذا غُلامٌ) أحسن ما يكون من الغلمان. فكان يوسف حسن الوجه ، جعد الشعر ، ضخم العينين ، مستوي الخلق ، أبيض اللون ، غليظ الساعدين ، والعضدين والساقين ، خميص البطن ، صغير السرة. وكان إذا تبسم ظهر النور من ضواحكه ، وإذا تكلم ظهر من ثناياه ولا يستطيع أحد وصفه اه. فاجتمعوا عليه فأخرجوه من الجب بعد مكثه فيها ثلاثة أيام (وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً) أي أخفوه حال كونه متاعا للتجارة ، أي كتم الوارد مالك وأصحابه من بقية القوم وذلك لأنهم قالوا : إن قلنا للسيارة التقطناه شاركونا فيه ، وإن قلنا : اشتريناه سألونا الشركة فالأصوب أن نقول : إن أهل الماء جعلوه بضاعة عندنا على أن نبيعه لهم بمصر (وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ) (١٩) أي بما ينشأ من عمل إخوة يوسف ليوسف من إيقاعه في البلاء الشديد وهو سبب لوصوله إلى مصر ولتنقله في أحوال إلى أن صار ملك مصر وحصل ذلك الذي رآه في النوم فرحم الله به العباد والبلاد (وَشَرَوْهُ) أي باع يوسف من استخرجوه من البئر (بِثَمَنٍ بَخْسٍ) أي حرام (دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ) فإنهم في ذلك الزمان كانوا لا يزنون ما كان أقل من أربعين دينارا (وَكانُوا) أي البائعون (فِيهِ) أي في يوسف (مِنَ الزَّاهِدِينَ) (٢٠) أي من الذين لا يرغبون لأنهم خافوا أن يظهر المستحق فينزعه من يدهم فكذلك باعوه من أول مساوم بأوكس الأثمان. (وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ) أي في مصر من مالك بن ذعر وكان اشتراؤه بعشرين درهما وحلة ونعلين ، فالذي اشتراه في مصر هو قطفير خازن الملك الريان بن الوليد ، وهو صاحب جنوده ، وقد آمن الملك بيوسف ومات في حياة يوسف عليهالسلام فملك بعده قابوس بن مصعب ، فدعاه يوسف إلى الإسلام فأبى واشترى ذلك الوزير يوسف وهو ابن سبع عشرة سنة ، وأقام في منزله ثلاث عشرة سنة ، واستوزره ريان بن الوليد وهو ابن ثلاثين سنة وآتاه الله الملك والحكمة وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة وتوفي وهو ابن مائة عشرين سنة. (لِامْرَأَتِهِ) زليخا. وقال ابن إسحاق : اسمها راعيل بنت رعيائيل : (أَكْرِمِي مَثْواهُ) أي اجعلي منزله عندك كريما حسنا مرضيا : والمعنى أحسني تعهده (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا) أي يقوم بإصلاح مهماتنا (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) أي نتبناه ، وكان قطفير لا يأتي النساء (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) أي وكما نجينا يوسف من القتل والجب وجعلنا في قلب الوزير حنوا عليه تعطيه مكانة أي رتبة عالية في أرض مصر (وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) أي تعبير بعض المنامات التي أعظمها رؤيا الملك وصاحبي السجن وهذا عطف على مقدر متعلق بمكنا ، أي جعلنا يوسف وجيها بين أهل مصر ومحببا في قلوبهم لينشأ منه ما جرى بينه وبين امرأة العزيز ولنعلمه بعض تأويل الرؤيا (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ) أي أمر نفسه لأنه فعال لما يريد لا دافع لقضائه ولا مانع عن حكمه في