وقرأ أبو هريرة «خير الحافظين». (وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (٦٤) وهو أرحم به من والديه ومن إخوته وقيل : إن يعقوب لما ذكر يوسف قال : فالله خير حافظا إلخ أي حفظا ليوسف لأنه كان يعلم أن يوسف حي. (وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ) أي أوعيتهم التي وضعوا فيها الميرة بحضرة أبيهم (وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ) وهي ثمن الميرة الذي دفعوه ليوسف (رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي) أي ما نكذب بما قلنا من أنا قدمنا على خير رجل أنزلنا وأكرمنا كرامة عظيمة أو المعنى أي شيء نريد من إكرام الملك (هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا) هل من مزيد على ذلك فقد أحسن الملك مثوانا وباع منا ورد علينا متاعنا فلا نطلب وراء ذلك إحسانا. وقيل المعنى نحن لا نطلب منك يا أبانا عند رجوعنا إلى الملك بضاعة أخرى فإن هذه التي ردت إلينا كافية لنا في ثمن الطعام (وَنَمِيرُ أَهْلَنا) أي نأتي بالطعام إلى أهلنا برجوعنا إلى ذلك الملك بتلك البضاعة وهذا معطوف على محذوف ، والتقدير فنستعين بهذه البضاعة ونمير أهلها (وَنَحْفَظُ أَخانا) بنيامين من المكاره في الذهاب والإياب (وَنَزْدادُ) بسببه (كَيْلَ بَعِيرٍ) أي وقر بعير له (ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) (٦٥) أي ذلك الحمل الذي نزداده كيل قليل على الملك ، لأنه قد أحسن إلينا وأكرمنا بأكثر من ذلك ويقال : ذلك الذي نطلب منك أمر يسير (قالَ) لهم أبوهم : (لَنْ أُرْسِلَهُ) أي بنيامين (مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) أي حتى تعطوني عهدا من الله أي حتى يحلفوا بالله (لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) أي في حال أن تموتوا أو في حال أن تصيروا مغلوبين فلا تقدروا الإتيان به إلى (فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ) أي أعطوا أباهم عهدهم من الله على رده إلى أبيهم فقالوا في حلفهم : بالله رب محمد لنأتينك به. (قالَ) أي يعقوب : (اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) (٦٦) أي شهيد فإن وفيتم بالعهد جازاكم الله بأحسن الجزاء ، وإن غدرتم به كافأكم بأعظم العقوبات. (وَقالَ) ناصحا لهم لما أزمع على إرسالهم جميعا : (يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا) مصر (مِنْ بابٍ واحِدٍ) من أبوابها الأربعة (وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ) إنما أمرهم بذلك لأنه خاف عليهم العين فإنهم كانوا ذوي جمال وشارة حسنة ، وكانوا أولاد رجل واحد وقد تجملوا في هذه الكرة أكثر مما في المرة الأولى (وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) أي لا أدفع عنكم بتدبيري شيئا مما قضى الله عليكم فإن الحذر لا يمنع القدر ، والإنسان مأمور بأن يحذر عن الأشياء المهلكة والأغذية الضارة ، وأن يسعى في تحصيل المنافع ودفع المضار بقدر الإمكان ، (إِنِ الْحُكْمُ) أي ما الحكم بالإلزام والمنع (إِلَّا لِلَّهِ) وحده (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) أي إليه وحده فوّضت أمري وأمركم (وَعَلَيْهِ) دون غيره (فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) (٦٧) أي فليثق الواثقون (وَلَمَّا دَخَلُوا) أي المدينة (مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ) أي من الأبواب المتفرقة (ما كانَ) أي دخولهم متفرقين (يُغْنِي) أي يخرج (عَنْهُمْ) أي الداخلين (مِنَ اللهِ) أي من قضائه (مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها) أي لكن الدخول على صفة التفرق أظهر حاجة في قلب يعقوب وهي خوفه عليهم من إصابة العين وهذا تصديق الله لقول يعقوب وما أغني عنكم من الله من شيء (وَإِنَّهُ) أي