النوع السادس : انتشار كل دابة في الأرض والآيات في ذلك أن جنس الإنسان يرجع إلى أصل واحد وهو آدم مع ما فيهم من الاختلاف في الصور والأشكال والألوان والألسنة والطبائع والأخلاق والأوصاف إلى غير ذلك ، ثم يقاس على بني آدم سائر الحيوان.
النوع السابع : الريح والآيات فيه أنه جسم لطيف لا يمسك ولا يرى ، وهو مع ذلك في غاية القوة بحيث يقلع الشجر والصخر ويخرب البنيان وهو مع ذلك حياة الوجود فلو أمسك طرفة عين لمات كل ذي روح وأنتن على ما وجه الأرض.
النوع الثامن : السحاب والآيات في ذلك أن السحاب مع ما فيه من المياه العظيمة التي تسيل منها الأودية العظيمة يبقى معلقا بين السماء والأرض بلا علاقة تمسكه ولا دعامة تسنده.
قال القاضي زكريا : إن السحاب من شجرة مثمرة في الجنة والمطر من بحر تحت العرش (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً) أي ومن الكفار من يعبد من غير الله أوثانا (يُحِبُّونَهُمْ) حبا كائنا (كَحُبِّ اللهِ) أي كحبهم لله تعالى أي يسوّون بينه تعالى وبين الأصنام في الطاعة والتعظيم أو يحبون عبادتهم أصنامهم كحب المؤمنين إلى الله تعالى بالعبادة (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) من الكفار لأصنامهم فإن المؤمنين لا يتضرعون إلا إلى الله تعالى بخلاف المشركين فإنهم يعدلون إلى الله عند الحاجة وعند زوال الحاجة يرجعون إلى الأصنام. (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ) (١٦٥).
قرأ الجمهور ولو يرى بالياء المنقوطة من تحت مع فتح الهمزة من أن عند القراء السبع. والمعنى لو لم يعلم الذين أشركوا بالله شدة عذاب الله وقوته لما اتخذوا من دونه أندادا ، وعلى قراءة بعض القراء غير السبع بكسر الهمزة من إن كان التقدير ولو يعلم الذين ظلموا بعبادة الأصنام عجزها حال مشاهدتها عذاب الله لقالوا : إن القوة لله. وقرأ نافع وابن عامر «ترى» بالتاء المنقوطة من فوق مع فتح الهمزة على الخطاب للرسول صلىاللهعليهوسلم أو لكل أحد ممن يصلح للخطاب والمعنى ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب ، ترى أن القوة لله جميعا ولو كسرت الهمزة كان المعنى ولو ترى الذين أشركوا إذ يرون العذاب لقلت : إن القوة لله جميعا. وقرأ ابن عامر يرون بضم الياء (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا) أي القادة وهم الرؤساء من مشركي الإنس (مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا) أي السفلة (وَرَأَوُا الْعَذابَ) أي وقد رأى القادة والسفلة العذاب في الآخرة (وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ) (١٦٦) أي تقطعت عنهم المواصلات والأرحام والأعمال والعهود والألفة بينهم أي أنكر القادة إضلال السفلة يوم القيامة حين يجمعهم الله (وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا) أي السفلة (لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً) أي ليت لنا رجعة إلى الدنيا (فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ) أي القادة هناك (كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا) اليوم (كَذلِكَ) أي كما أراهم