الله شدة عذابه (يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ) أي ندامات شديدة (عَلَيْهِمْ) أي على تفريطهم (وَما هُمْ) أي القادة والسفلة (بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ) (١٦٧) بعد دخولها (يا أَيُّهَا النَّاسُ).
قال ابن عباس : نزلت الآية في الذين حرموا على أنفسهم السوائب والوصائل والبحائر وهم قوم من ثقيف ، وبني عامر بن صعصعة ، وخزاعة ، وبني مدلج (كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ) أي من الحرث والأنعام (حَلالاً طَيِّباً) أي مباحا بأن لا يكون متعلقا به حق الغير (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) أي لا تقتدوا طرق وساوس الشيطان في تحريم الحرث والأنعام (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (١٦٨) أي ظاهر العداوة عند ذوي البصيرة (إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ) أي القبيح من الذنوب التي لا حد فيها (وَالْفَحْشاءِ) أي المعاصي التي فيها حد (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (١٦٩) أي وبأن تفتروا على الله ما لا تعلمون أن الله تعالى حرم هذا وذاك (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ) أي لمشركي العرب (اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ) من التوحيد وتحليل الطيبات (قالُوا) لا نتبعه (بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا) أي ما وجدناهم عليه من عبادة الأصنام وتحريم الطيبات ونحو ذلك قال الله تعالى : (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ) أي أيتبعونهم وإن كان آباؤهم (لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً) من الدين (وَلا يَهْتَدُونَ) (١٧٠) إلى الحق (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً) أي وصفة الذين كفروا في اتباعهم آباءهم وتقليدهم لهم كصفة الراعي الذي يصوت على ما لا يسمع من البهائم فإنها لا تسمع إلا صوت الراعي من غير فهم لكلامه أصلا ، فكما أن الكلام مع البهائم عبث عديم الفائدة فكذا التقليد. ويقال : مثل الذين كفروا في قلة عقلهم في عبادتهم للأوثان كمثل الراعي الذي يتكلم مع البهائم فكما يحكم على الراعي بقلة العقل فكذا هؤلاء (صُمٌ) لأنهم لم يسمعوا الحق (بُكْمٌ) لأنهم لم يستجيبوا لما دعوا إليه (عُمْيٌ) لأنهم أعرضوا عن الدلائل (فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (١٧١) أي لا يفقهون أمر الله ودعوة النبي صلىاللهعليهوسلم كما لا تفهم البهائم كلام الراعي (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) أي كلوا من حلالات ما أعطيناكم من الحرث والأنعام (وَاشْكُرُوا لِلَّهِ) على ما رزقكم من الطيبات (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (١٧٢) أي إن صح أنكم تخصونه بالعبادة وتقرون أنه تعالى هو المنعم لا غير فإن الشكر رأس العبادات (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) أي أكلها والانتفاع بها وهي التي ماتت على غير ذكاة أما السمك والجراد فهما خارجان عنهما باستثناء الشرع كخروج الطحال من الدم (وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ) أي جميع أجزائه وإنما خصّ اللحم لأنه المقصود بالأكل (وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ) فما موصول وبه نائب الفاعل والباء بمعنى في مع حذف مضاف. والمعنى وما صيح في ذبحه لغير الله والكفار يرفعون الصوت لآلهتهم عند الذبح.
وقال الربيع بن أنس وابن زيد : والمعنى وما ذكر عليه غير اسم الله وعلى هذا فغير الله نائب