سورة إبراهيم
مكية ، اثنتان وخمسون آية ، ثمانمائة وإحدى وثلاثون
آية ، ثلاثة آلاف وخمسمائة وتسعة وثلاثون حرفا
بسم الله الرحمن الرحيم
(الر كِتابٌ) أي السورة المسماة بـ «الر» كتاب (أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ) يا أشرف الخلق (لِتُخْرِجَ النَّاسَ) كافة بدعائك إياهم (مِنَ الظُّلُماتِ) أي ظلمات الكفر والضلالة والجهل (إِلَى النُّورِ) أي الإيمان وهذه الآية دالة على أن طرق الكفر والبدعة كثيرة وطريق الحق واحد (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) أي بتسهيله فإن الرسول لا يمكنه إخراج الناس من الظلمات إلى النور إلا بمشيئة الله وتخليقه (إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (١) أي إلى دين الكامل القدوة المستحق للحمد في كل أفعاله (اللهِ).
قرأه نافع وابن عامر بالرفع (الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ملكا وملكا (وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ) (٢) أي لما ترك الكفار عبادة الله الذي هو المالك للسموات والأرض ولكل ما فيهما وعبدوا ما لا يملك ضرا ولا نفعا فالويل ثم الويل لمن كان كذلك أي يولولون أي يصيحون من عذاب غليظ ويقولون : يا ويلاه (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ) أي يختارون الدنيا على الآخرة فهم ضالون (وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي يمنعون الناس عن قبول دين الله فهم مضلون (وَيَبْغُونَها عِوَجاً) أي يطلبون لسبيل الله زيغا ويقولون لمن يريدون إضلاله : إنها زائغة غير مستقيمة فهذا نهاية الضلال والإضلال (أُولئِكَ) الموصوفون بتلك القبائح (فِي ضَلالٍ) عن طريق الحق (بَعِيدٍ) (٣) أي في غاية البعد عنه فلا يوجد ضلال أكمل من هذا الضلال (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) أي إلا متكلما بلغة من أرسل إليهم الرسول أيا كان وهم بالنسبة لغير سيدنا محمد خصوص عشيرة رسولهم وبالنسبة إليه كل من أرسل إليه من أصناف الخلق ، لأن رسالته عامة لجميع الخلق وهو صلىاللهعليهوسلم كان يخاطب كل قوم بلغتهم ، وإن لم يثبت أنه تكلم باللغة التركية لأنه لم يصادف أنه خاطب أحدا من أهلها ولو خاطبه لكلمه بها (لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) ما كلفوا به بلغاتهم فيكون فهمهم لأسرار الشريعة أسهل