وقال ابن عباس : أي عبادتي. (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي) ما فرط مني من ترك الأولى في باب الدين وغير ذلك (وَلِوالِدَيَ) وهذا الاستغفار قبل تبين أمرهما. وقرأ ابن حسين «ولوالدي» بسكون الياء. وقرأ الحسين بن علي ومحمد وزيد ابنا علي بن الحسين «ولولدي» بفتحات ؛ وهما إسماعيل وإسحاق. وقرأ ابن يعمر «ولولدي» بضم الواو وسكون اللام وكسر الدال ؛ جمع ولد فالقراءات الشاذة ثلاثة (وَلِلْمُؤْمِنِينَ) كافة أي من ذرية إبراهيم وغيرهم ففي هذا الدعاء بشارة عظيمة لجميع المؤمنين بالمغفرة ، والله تعالى لا يرد دعاء خليله إبراهيم عليهالسلام. (يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ) (٤١) أي يوم يثبت محاسبة أعمال المكلفين على وجه العدل (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ) يا أشرف الخلق (غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) أي تارك عقوبة المشركين بما عملوا والمراد تثبيته صلىاللهعليهوسلم على ما كان عليه من أنه صلىاللهعليهوسلم لا يحسب الله غافلا والمقصود تنبيهه على أنه تعالى لو لم ينتقم للمظلوم من الظالم لزم عليه تعالى أحد الأمور الثلاثة : إما أن يكون غافلا عن ذلك الظالم ، أو عاجزا عن الانتقام ، أو راضيا بذلك الظلم. وكل ذلك محال عليه تعالى فامتنع أن لا ينتقم للمظلوم من الظالم (إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ) بلا عذاب الاستئصال (لِيَوْمٍ) أي لأجل يوم (تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) (٤٢) أي تبقى مفتوحة لا تتحرك أجفانهم للدهشة (مُهْطِعِينَ) أي مسرعين نحو البلاء ناظرين إلى الداعي وهو جبريل حيث يدعو إلى الحشر من صخرة بيت المقدس (مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ) أي رافعي رؤوسهم إلى السماء لا ينظر أحد إلى أحد (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) أي يدوم شخوص أبصارهم لدوام الحيرة في قلوبهم (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) (٤٣) أي خالية عن جميع الأفكار لعظم ما ينالهم من الحيرة لما تحققوه من العقاب وحصول هذه الصفات الخمس عند المحاسبة (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ) أي وخوف الكفار يا أكرم الرسل أهوال يوم القيامة (فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي كل من ظلم بالشرك (رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) أي أخر العذاب عنا وردنا إلى الدنيا وأمهلنا إلى حد من الزمان قريب (نُجِبْ دَعْوَتَكَ) لنا على ألسنة الرسل إلى التوحيد (وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) فيما جاءونا به أي نتدارك في الدنيا ما فاتنا من إجابة الدعوة واتباع الرسل فيقول الله لهم توبيخا (أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ) أي أطلبتم هذا المطلوب وهل لم تكونوا خلفتم (مِنْ قَبْلُ) هذا اليوم أي في الدنيا (ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ) (٤٤) أي كانوا يقولون بالحلف لا زوال لنا من هذه الحياة إلى حياة أخرى ومن هذه الدار إلى دار المجازاة ، أما زوالهم من غنى إلى فقر ، ومن شباب إلى هرم ، ومن حياة إلى موت فلا ينكرونه (وَسَكَنْتُمْ) معطوف على أقسمتم (فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بالكفر والمعصية وهم قوم نوح وعاد وثمود ، لأن من شاهد هذه الأحوال وجب عليه أن يعتبر فإذا لم يعتبر كان مستحقا للتقريع (وَتَبَيَّنَ لَكُمْ) أي وظهر لكم حالهم بمشاهدة الآثار وبتواتر الأخبار (كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ) من الإهلاك بما فعلوا من الفساد. وقرئ «وبين» على المجهول ، وقرئ أيضا «وتبين» بنون المتكلم ، أي أولم نبين لكم. (وَضَرَبْنا لَكُمُ