المرسلين عبادي (عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ) (٥١) وهم ملائكة على صور غلمان حسان منهم جبريل (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً) أي فسلموا سلاما ، أي قالوه تحية لإبراهيم (قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) (٥٢) أي خائفون. قال إبراهيم ذلك حين امتنعوا من أكل ما قربه إليهم من العجل الحنيذ ، لأن العادة أن الضيف إذا لم يأكل مما قدم له يكون خائنا (قالُوا لا تَوْجَلْ) أي لا تخف يا إبراهيم منا (إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ) أي ولد هو إسحاق (عَلِيمٍ) (٥٣) في صغره حليم في كبره (قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي) بذلك (عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ) أي بعد ما أصابني الكبر (فَبِمَ تُبَشِّرُونَ) (٥٤) أي فبأي أعجوبة تبشرونني؟! «فما» استفهام بمعنى التعجب. أراد إبراهيم بهذا السؤال أن يعرف أنه تعالى يعطيه الولد مع إبقائه على صفة الشيخوخة ، أو بعد قلبه شابا؟ فبينوا أن الله تعالى أعطاه الولد مع إبقائه على صفة الشيخوخة.
قرأ نافع «تبشرون» بكسر النون خفيفة في كل القرآن. وقرأ ابن كثير بكسر النون وتشديدها. والباقون بفتح النون خفيفة (قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِ) أي بطريقة هي حق وهو أمر الله تعالى (فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ) (٥٥) أي من الآيسين من الولد فإن الله قادر على أن يخلق بشرا بغير أبوين فكيف من شيخ فان وعجوز عاقر (قالَ) إبراهيم : (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) (٥٦) أي لا يقنط من رحمة ربه إلا المخطئون طريق الاعتقاد الصحيح في ربهم فلا يعرفون سعة رحمة الله تعالى وكمال علمه وقدرته. ومراد سيدنا إبراهيم بهذا القول نفي القنوط عن نفسه على أبلغ وجه أي ليس بي قنوط من رحمته تعالى ، وإنما الذي أقول لبيان منافاة حالي لفيضان تلك النعمة الجليلة عليّ.
وقرأ أبو عمرو والكسائي «يقنط» بكسر النون ، وقرئ شاذا بضم النون. (قالَ) إبراهيم لجبريل وأعوانه : (فَما خَطْبُكُمْ) أي شأنكم الخطير سوى البشارة (أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ) (٥٧) (قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) (٥٨) لإهلاكهم (إِلَّا آلَ لُوطٍ) ابنتيه زاعورا وريثا وامرأته الصالحة (إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ) أي لوطا وآله (أَجْمَعِينَ) (٥٩) أي مما يصيب القوم (إِلَّا امْرَأَتَهُ) واعلة المنافقة (قَدَّرْنا) أي قضينا عليها (إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ) (٦٠) أي الباقين مع الكفرة لتهلك معهم ، وقرأ أبو بكر عن عاصم «قدرنا» بتخفيف الدال هاهنا وفي النمل. وقرأ حمزة والكسائي «لمنجوهم» بسكون النون فخرجوا من عند إبراهيم وسافروا من قريته إلى قرية لوط وكان بينهما أربعة فراسخ (فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ) (٦١) هم الملائكة الذين ضافوا إبراهيم (قالَ) لوط لهم : (إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) (٦٢) أي تنكركم نفسي فأخاف أن تصيبوني بشر ولا أعرف غرضكم ، لأي غرض دخلتم علي! (قالُوا) أي الملائكة : (بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ) (٦٣) أي ما جئناك بما تنكرنا لأجله بل جئناك بالعذاب الذي هددت قومك به فيشكون في مجيئه لهم ويكذبونك وهو ما