والجواهر ، وسائر الأمتعة فقال المسلمون : لو كانت هذه الأموال لنا لتقوّينا بها ولأنفقناها في سبيل الله فقال الله تعالى لهم لقد أعطيتكم سبع آيات هي خير لكم من هذه القوافل السبع ويدل على صحة هذا قوله تعالى : (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ) أي لا تنظرن بالرغبة إلى ما أعطيناه رجالا من الكفرة من متاع الدنيا وزخارفها فإن ما في الدنيا بالنسبة إلى ما أعطيت مستحقر (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) أي لا تحزن لأجل عدم إيمانهم (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (٨٨) أي تواضع لهم ولين جانبك لهم (وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩) كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ) (٩٠) أي إني منذر آت بالبينات فأنذرتكم مثل ما نزل بالذين اقتسموا طرق مكة يصدون الناس عن الإيمان ويقولون لمن سلكها : لا تغتروا بهذا الخارج فينا يدعي النبوة فإنه مجنون ، وربما قالوا : ساحر ، وربما قالوا : شاعر ، وربما قالوا : كاهن. وسمّوا المقتسمين لأنهم اقتسموا هذه الطرق فأماتهم الله شر ميتة. (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) (٩١) أي الذين جزأوا القرآن أجزاء فقالوا : سحر وشعر وكهانة ومفترى وأساطير الأولين. (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (٩٢) يوم القيامة (عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) (٩٣) في الدنيا من قول وفعل وترك (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) أي أظهر ما تؤمر به وافرق بين الحق والباطل (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (٩٤) أي لا تبال بهم ولا تلتفت إلى لومهم إياك على إظهار الدعوة وهذا ليس بمنسوخ ، لأن معنى هذا الإعراض ترك المبالاة بهم (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) (٩٥) أي الذين يبالغون في الاستهزاء بك ، وفي إيذائك (الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٩٦) ماذا يفعل بهم فأهلكهم الله في يوم وليلة وكانوا خمسة من أشراف قريش الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، والحرث بن قيس ، والأسود بن المطلب ، والأسود بن عبد يغوث فأما الوليد المخزومي فمر بنبال ، فأصاب النبل عرقا في عقبه فقطعه فمات ، وأما العاص السهمي فدخلت في أخمصه شوكة فقال : لدغت لدغت ، وانتفخت رجله حتى صارت كالرحا ، فمات. وأما الحرث السهمي : فإنه أكل حوتا مالحا فأصابه العطش فشرب عليه الماء حتى انشق بطنه فمات. وأما الأسود بن المطلب : فرماه جبريل بورقة خضراء فذهب بصره ووجعته عينه ، فجعل يضرب برأسه الجدار حتى هلك. وأما الأسود بن عبد يغوث : فإنه خرج في يوم شديد الحر فأصابه السموم ، فاسود حتى عاد حبشيا فرجع إلى بيته فلم يفتحوا عليه الباب فنطع رأسه ببابه حتى مات وكلهم كانوا يقولون : قتلنا رب محمد صلىاللهعليهوسلم. (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ) بحسب الطبيعة البشرية وإن كان جميع أموره صلىاللهعليهوسلم مفوضا لربه (بِما يَقُولُونَ) (٩٧) أي بسبب ما يقولون من كلمات الشرك والطعن في القرآن والاستهزاء به وبك (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) أي فافزع إلى الله تعالى فيما نابك من الغم بالتسبيح ملتبسا بحمده تعالى (وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) (٩٨) أي من المصلين وكان صلىاللهعليهوسلم إذا حزّ به أمر فزع إلى الصلاة (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (٩٩) أي الموت فإنه متيقن اللحوق بكل حي مخلوق أي واعبد ربك في زمان حياتك ولا تخل لحظة من لحظات الحياة عن هذه العبادة.