الأصنام جمادات لا معرفة لها بشيء أصلا فكيف تحسن عبادتها (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً) أي والآلهة الذين يعبدهم الكفار من دون الله لا يقدرون أن يخلقوا شيئا.
قرأ حفص عن عاصم «يسرون» ، و «يعلنون» ، و «يدعون» بالياء على الغيبة. لكن نقل عن السمين أن قراءة الياء التحتية شاذة في الفعلين الأولين. وقرأ أبو بكر عن عاصم «يدعون» خاصة بالياء على المغايبة. وقرئ على صيغة المبني للمفعول. (وَهُمْ يُخْلَقُونَ) (٢٠) أي أن الأصنام مخلوقة لله تعالى منحوتة من الحجارة وغيرها (أَمُوتُ) أي جمادات لا روح فيها (غَيْرُ أَحْياءٍ) أي لا تأتيها الحياة أصلا (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (٢١) أي وما يشعر أولئك الآلهة متى يبعث عبدتهم من القبور وفي هذا تهكم بالمشركين في أن آلهتهم لا يعلمون وقت بعثهم فكيف وقت جزائهم على عبادتهم.
وقيل : المعنى أن هذه الأصنام لا تعرف متى يبعثها الله تعالى.
قال ابن عباس : إن الله تعالى يبعث الأصنام ولها أرواح ومعها شياطينها فيؤمر بها إلى النار (إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) لا يشاركه شيء في شيء (فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) ولا يرغبون في حصول الثواب ولا يرهبون من الوقوع في العقاب (قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ) لوحدانية الله تعالى ولكل كلام يخالف قولهم (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) (٢٢) عن الرجوع من الباطل إلى الحق (لا جَرَمَ) أي حقا (أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ) من قلوبهم (وَما يُعْلِنُونَ) من استكبارهم (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) (٢٣) على خلقه فما بالك بالمستكبرين على التوحيد واتباع الرسول صلىاللهعليهوسلم (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ) أي وإذا قال وفود الحاج لأولئك المنكرين المستكبرين عمّا أنزل الله تعالى على محمد عليهالسلام (قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٢٤) أي هذا الذي تذكرون أنه منزل من ربكم هو أكاذيب الأولين ليس فيه شيء من العلوم والحقائق (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ) أي آثامهم الخاصة بهم وهي آثام ضلالهم (كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي لم يخفف من عقابهم شيء يوم القيامة بمصيبة أصابتهم في الدنيا فقوله : «ليحملوا» متعلق «بقالوا» فـ «اللام» للعاقبة. وقوله : «يوم القيامة» ظرف «ليحملوا». (وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ) أي وليحملوا أيضا من جنس آثام من ضل بإضلالهم أي فيحصل للرؤساء مثل أوزار الأتباع (بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي إن هؤلاء الرؤساء يقدمون على الإضلال جهلا منهم بما يستحقونه من العذاب الشديد في مقابلته (أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) (٢٥) أي بئس ما يحملونه من الذنوب حملهم هذا (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) أي قد رتبوا منصوبات ليمكروا بها أنبياء الله تعالى فأهلكهم الله تعالى وجعل هلاكهم مثل هلاك قوم بنوا بنيانا شديدا ودعّموه فانهدم ذلك البنيان وسقط عليهم سقف بنيانهم ، فأهلكهم. شبهت حال أولئك الماكرين في تسويتهم المكايد وفي إبطاله تعالى تلك الحيل ،