السبعية فهي إنما تسعى في الإيذاء إلى سائر الناس وإيصال البلاء إليهم ، فالناس ينكرون تلك الحالة ، وأن البغي من آثار القوة الوهمية الشيطانية ، فهي إنما تسعى في التطاول على الناس والترفع عليهم وإظهار الرياسة والتقدم (يَعِظُكُمْ) أي يأمركم بتلك الثلاثة وينهاكم عن هذه الثلاثة (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٩٠) أي لإرادة أن تتذكروا طاعته تعالى ؛ وهذا يدل على أن الله تعالى يطلب الإيمان من الكل. (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ) وهو العهد الذي يلتزمه الإنسان باختياره فيدخل فيه المبايعة على الإيمان بالله وبرسوله وعهد الجهاد وعهد الوفاء بالمنذورات والأشياء المؤكدة باليمين. (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها) بالقصد ففرق بين اليمين المؤكد بالعزم وبين لغو اليمين (وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً) أي شاهدا ، فإن من حلف بالله قد جعل الله كفيلا بالوفاء بسبب ذلك الحلف ، وهذه واو الحال أي لا تنقضوا الأيمان وقد قلتم الله شاهد علينا بالوفاء (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) (٩١) من النقض والوفاء فيجازيكم على ذلك إن خيرا فخير وإن شرا فشر وفي هذا ترغيب وترهيب (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ) أي من بعد قوة العزل بفتلها وإبرامها (أَنْكاثاً) أي أنقاضا وهو مفعول ثان لنقضت بمعنى جعلت أو حال من عزلها مؤكدة لعاملها أي منكوثا.
قيل : المشبه به معين وهي امرأة في مكة اسمها : رائطة بنت سعد بن تيم. وقيل : تلقب بجعرانة ، وكانت حمقاء اتخذت مغزلا قدر ذراع وسنارة مثل إصبع وفلكة عظيمة على قدرها ، فكانت تغزل الصوف والوبر هي وجواريها من الغداة إلى الظهر ، ثم تأمرهن فينقضن ما غزلن (تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً) أي مكرا (بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ) وهو استفهام بمعنى الإنكار. والمعنى أتصيرون أيمانكم غشا بينكم بسبب أن أمة أزيد في القوة والكثرة من أمة أخرى؟
قال مجاهد : كان قريش يحالفون الحلفاء ثم إذا وجدوا شوكة في أعادي حلفائهم نقضوا عهدهم مع الحلفاء وعاهدوا أعداء حلفائهم (إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ) أي يعاملكم بالأكثر معاملة من يختبركم لينظر أتمسكون بحبل الوفاء بعهد الله أم تغترون بكثرة قوم (وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (٩٢) في الدنيا أي حين يجازيكم على أعمالكم بالثواب والعقاب (وَلَوْ شاءَ اللهُ) مشيئة قسر (لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) متفقة على الإسلام (وَلكِنْ) لم يشأ ذلك بل شاء اختلافكم لقضية حكمة يعلمها الله ولذلك (يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ).
وروى الواحدي أن عزيرا قال : يا رب خلقت الخلق فتضل من تشاء وتهدي من تشاء ، فقال : يا عزيز أعرض عن هذا. فأعاده ثانيا ، فقال : أعرض عن هذا. فأعاده ثالثا فقال : أعرض عن هذا وإلا محوت اسمك من النبوة (وَلَتُسْئَلُنَ) جميعا يوم القيامة (عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٩٣) في