يقبله أحد فيأتون بما لا يرتاب في بطلانه أحد (وَقالُوا أَإِذا كُنَّا) أي صرنا (عِظاماً) بالية (وَرُفاتاً) أي ترابا رميما (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) (٤٩) أي مخلوقين تجدد الروح فينا بعد الموت. (قُلْ) لهم يا أكرم الرسل : (كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً) (٥٠) (أَوْ خَلْقاً) آخر (مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ). والمعنى لو تكونون حجارة مع أنها لا تقبل الحياة ، بحال أو حديدا مع أنه أصلب من الحجارة أو خلقا غيرهما كائنا من الأشياء التي تعظم في اعتقادكم عن قبول الحياة ، كالسماوات والأرض ، فلا بد من إيجاد الحياة فيكم فإن قدرته تعالى لا تعجز عن إحيائكم لاشتراك الأجسام في قبول الأعراض فكيف إذا كنتم عظاما ممزقة وقد كانت طرية موصوفة بالحياة من قبل والشيء أقبل لما اعتيد فيه مما لم يعتد (فَسَيَقُولُونَ) تماديا في الاستهزاء (مَنْ يُعِيدُنا) أي من الذي يقدر على إعادة الحياة إلينا إذا صرنا كذلك (قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) أي قل إرشادا لهم إلى طريقة الاستدلال فالذي ابتدأ خلقكم أول مرة من غير مثال يعيدكم إلى الحياة بالقدرة التي ابتدأكم بها فكما لم تعجز تلك عن البداءة لا تعجز عن الإعادة (فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ) أي فسيحركونها جهتك تعجبا وتكذيبا لقولك (وَيَقُولُونَ) استهزاء (مَتى هُوَ) أي الذي وعدتنا من الإعادة (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ) ذلك (قَرِيباً) (٥١) إذ كل آت قريب (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ) على لسان إسرافيل بالنداء الذي يسمعكم من القبور وهو النفخة الأخيرة ، فإن إسرافيل ينادي : أيتها الأجسام البالية ، والعظام النخرة ، والأجزاء المتفرقة عودي كما كنت بقدرة الله تعالى وبإذنه (فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ). قال سعيد بن جبير : أي فيخرجون من قبورهم وينفضون التراب عن رؤوسهم ، ويقولون : سبحانك اللهم وبحمدك.
قال المفسرون : حمدوا حين لا ينفعهم الحمد. وقال الزمخشري : بحمده حال منهم أي حامدين وهذا مبالغة في انقيادهم للبعث (وَتَظُنُّونَ) عند ما ترون الأهوال الهائلة (إِنْ لَبِثْتُمْ) أي ما مكثتم في القبور أو في الدنيا (إِلَّا قَلِيلاً) (٥٢) كالذي مر على قرية (وَقُلْ لِعِبادِي) أي المؤمنين إذا أردتم إتيان الحجة على المخالفين فاذكروها غير مخلوطة بالشتم والسب فيقابلونهم بمثله ولا يخاشنوهم بل (يَقُولُوا) لهم الكلمة (الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) كأن يقولوا : يهديكم الله. وقيل : نزلت هذه الآية في عمر بن الخطاب شتمه بعض الكفار فأمره الله تعالى بالعفو (إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ) أي يهيج الشر بين الناس ويغري بعضهم على بعض لتقع بينهم المخاصمة (إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ) في قديم الزمان (لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً) (٥٣) أي ظاهر العداوة (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ) أي بعاقبة أمركم (إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ) بأن يوفقكم للإيمان والمعرفة إلى أن تموتوا فينجيكم من العذاب (أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ) بأن يميتكم على الكفر فيعذبكم إلا أن تلك المشيئة غائبة عنكم فاجتهدوا أنتم في طلب الدين الحق ، ولا تصروا على الباطل لئلا تصيروا محرومين عن السعادات الأبدية. ويقال : هذه تفسير للتي هي أحسن أي قولوا لهم : هذه الكلمة ولا تقولوا أيها المؤمنون للمشركين : إنكم من أهل