من زخرف فيغنيك عنا؟! فقال : «لا أقدر عليه» فقيل له : أما تستطيع أن تأتي قومك بما يسألونك؟ فقال : «لا أستطيع». قالوا : فإذا كنت لا تستطيع الخير فاستطع الشر فأسقط السماء كما زعمت علينا كسفا. فقال : عبد الله بن أمية المخزومي وهو ابن عاتكة عمته صلىاللهعليهوسلم : لا أومن بك أبدا حتى تشد سلما إلى السماء فتصعد فيه ونحن ننظر إليك فتأتي بنسخة منشورة معك بأربعة من الملائكة يشهدون لك بالرسالة ، ثم بعد ذلك لا أدري أنؤمن بك أم لا؟ فانصرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى أهله حزينا فأنزل الله تعالى هذه الآية (قُلْ).
وقرأ ابن كثير وابن عامر «قال» بصيغة الماضي : (سُبْحانَ رَبِّي) أي أنزه ربي عن أن يكون له إتيان وذهاب وأتعجب من اقتراحاتهم (هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) (٩٣) أي مأمورا من قبل ربي بتبليغ الرسالة كسائر الرسل لا يأتون قومهم إلا بما يظهره الله عليهم من الآيات (وَما مَنَعَ النَّاسَ) أي أهل مكة (أَنْ يُؤْمِنُوا) بنبوتك (إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى) أي القرآن (إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) (٩٤) إلينا أي وما منع الناس من الإيمان وقت مجيء الوحي إلا اعتقادهم أن الله تعالى لو أرسل رسولا إلى الخلق لوجب أن يكون من الملائكة وإنكارهم أن يكون من جنس البشر (قُلْ) لهم من جهتنا جوابا لقولهم : (لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ) عليها (مُطْمَئِنِّينَ) أي قارين فيها من غير أن يعرجوا في السماء (لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً) (٩٥) أي لو كان أهل الأرض ملائكة لوجب أن يكون رسولهم من الملائكة أما لو كان أهل الأرض من البشر لوجب أن يكون رسولهم من البشر لتمكنهم من الاجتماع والفهم منه لمماثلتهم له في الجنس (قُلْ) لهم : (كَفى بِاللهِ) وحده (شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) بأني رسوله إليكم (إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) (٩٦) أي محيطا ببواطن أحوالهم وظواهرها ، أي فإنكم إنما أنكرتم هذا لمحض الحسد والاستنكاف من الانقياد للحق (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ) بحذف الياء من الرسم هنا ، وفي الكهف. وأما في النطق فقرأ نافع وأبو عمرو بإثبات الياء وصلا وحذفها وقفا. وحذفها الباقون في الحالين. (وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ) أي أنصارا (مِنْ دُونِهِ) تعالى يهدونهم إلى طريق الحق أي فمن سبق لهم حكم الله بالإيمان وجب أن يصيروا مؤمنين ومن سبق لهم حكم الله بالضلال استحال أن ينقلبوا عن ذلك الضلال وأن يوجد من يصرفهم عنه (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ) فقد روي أنه قيل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : كيف يمشون على وجوههم؟ قال : «إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم» (١). (عُمْياً) لا يبصرون ما يسر
__________________
(١) رواه البخاري في كتاب التفسير ، باب : تفسير سورة ٢٥ ، ومسلم في كتاب المنافقين ، باب : ٥٤ ، والترمذي في كتاب التفسير ، باب : تفسير سورة ١٧ ، وأحمد في (م ٢ : ٣٥٤).