بهن (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَ) في العدة (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) فلا تتوقف العدة على ضرب قاض (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَ) من الحبل والحيض معا وذلك لأن المرأة لها أغراض كثيرة في كتمانهما ، فإذا كتمت الحبل قصرت مدة عدتها فتزوج بسرعة وربما كرهت مراجعة الزوج وأحبت التزوج بزوج آخر ، أو أحبت أن يلتحق ولدها بالزوج الثاني ، فلهذه الأغراض تكتم الحبل. وإذا كتمت الحيض فقد تحب تطويل عدتها لكي يراجعها الزوج الأول وقد تحب تقصير عدتها لتبطل رجعته ولا يتم لها ذلك إلا بكتمان بعض الحيض في بعض الأوقات. (إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) فلا يجترئن على ذلك الكتمان وهذا الشرط للتغليظ حتى لو لم يكن مؤمنات كان عليهن العدة أيضا (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ) أي أزواج المطلقات أحق برجعتهن في مدة ذلك التربص (إِنْ أَرادُوا) أي البعولة بالرجعة (أَصْلَحا) والسبب في هذه الآية أن في الجاهلية كانوا يراجعون المطلقات ، ويريدون بذلك الإضرار بهن ليطلقوهن بعد الرجعة حتى تحتاج المرأة إلى أن تعتد عدة حادثة فنهوا عن ذلك. (وَلَهُنَ) عليهم من الحقوق (مِثْلُ الَّذِي) لهم (عَلَيْهِنَ) من الحقوق (بِالْمَعْرُوفِ) شرعا في حسن المعاشرة (وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) أي فضيلة في الحق لأن حقوقهم عليهن في أنفسهن وحقوقهن عليهم في المهر والنفقة (وَاللهُ عَزِيزٌ) يقدر على الانتقام ممن يخالف أحكامه (حَكِيمٌ) (٢٢٨) فيما حكم بين الزوجين (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) أي ذلك الطلاق الذي حكمنا فيه بثبوت الرجعة للزوج هو أن يوجد مرتان فالواجب بعد هاتين المرتين إما إمساك بمعروف أي رجعة بحسن عشرة ولطف معاملة لا على قصد إضرار ، أو تسريح أي إرسال بترك المراجعة حتى تنقضي العدة وتحصل البينونة بإحسان أي بغير ذكر سوء بعد المفارقة وبأداء جميع حقوقها المالية ، وهذه الآية متناولة لجميع الأحوال لأن الزوج بعد الطلقة الثانية إما أن يراجعها وهو المراد بقوله تعالى : (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ). أو يتركها حتى تبين بانقضاء العدة وهو المراد بقوله تعالى : (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ). أو يطلقها ثالثة وهو المراد بقوله تعالى : (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ) فكانت الآية مشتملة على بيان كل الأقسام ولو جعلنا التسريح طلقة ثالثة لكان قوله تعالى : فإن طلقها طلقة رابعة ، فإنه غير جائز وسبب نزول هذه الآية : أن امرأة شكت إلى عائشة رضياللهعنها بأن زوجها يطلقها ويراجعها كثيرا (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً) أي ومن جملة الإحسان أنه إذا طلقها لا يأخذ منها شيئا من الذي أعطاها من المهر والثياب وسائر ما تفضل به عليها لأنه استمتع بها في مقابلة ما أعطاها (إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ) أي أن لا يراعيا مواجب أحكام الزوجة.
وقرأ حمزة «يخافا» بضم الياء (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) أي فلا حرج على الزوج في أخذ ما افتدت الزوجة به نفسها من المال ليطلقها ، ولا عليها في إعطائه إياه بطيبة نفسها. نزلت هذه الآية في شأن ثابت بن قيس بن شماس ، وفي شأن جميلة بنت عبد الله ابن