جُناحَ عَلَيْهِما) في ذلك وكما يجوز عن النقص عن الحولين عند اتفاق الأبوين عليه كذلك تجوز الزيادة عليهما فاتفاقهما (وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ) أي إن أردتم أن تطلبوا مراضع لأولادكم (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) في الاسترضاع (إِذا سَلَّمْتُمْ) إلى المراضع (ما آتَيْتُمْ) أي ما آتيتموهن إياه ، أي ما أردتم إيتاءه لهن من الأجرة.
وقرأ ابن كثير وحده ما أتيتم مقصورة الألف أي «ما أتيتم» به أي ما أردتم إتيانه (بِالْمَعْرُوفِ) أي بالموافقة وليس تسليم الأجرة شرطا لصحة الإجارة بل لتكون المرضعة طيبة النفس راضية فيصير ذلك سببا لصلاح حال الصبي وللاحتياط في مصالحه (وَاتَّقُوا اللهَ) في الضرار والمخالفة (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٢٣٣) فيجازيكم على ذلك (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) أي والذين تقبض أرواحهم من رجالكم ويتركون أزواجا ينتظرن بعدهم بأنفسهن في العدة أربعة أشهر وعشرة أيام. وهذه العدة سببها الوفاة عند الأكثرين لا العلم بالوفاة كما قال به بعضهم ، فلو انقضت المدة أو أكثرها ثم بلغ المرأة خبر وفاة زوجها وجب أن تعتد بما انقضى والدليل على ذلك أن الصغيرة التي لا علم لها يكفي في انقضاء عدتها انقضاء هذه المدة (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَ) أي انقضت عدتهن (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) يا أولياء الميت في تركهن (فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَ) من التزين وغيره من كل ما حرم عليهن في زمن العدة لأجل وجوب الإحداد عليهن (بِالْمَعْرُوفِ) أي بما يحسن عقلا وشرعا. وقيل : المخاطب بهذا الخطاب جميع المسلمين ، وذلك لأنهن إن تزوجن في مدة العدة وجب على كل واحد منعهن عن ذلك إن قدر على المنع ، فإن عجز وجب عليه أن يستعين بالسلطان (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ) من الخير والشر (خَبِيرٌ) (٢٣٤) فيجازيكم عليه (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ) أي ولا حرج عليكم فيما طلبتم النكاح من النساء المعتدات للوفاة وللطلاق الثلاث بطريق التعريض ، وهو ذكر كلام محتمل مؤكد بدلالة الحال على المقصود كأن يقول : إن جمع الله بيننا بالحلال يعجبني ذلك أو فيما أضمرتم في قلوبكم من قصد نكاحهن (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً) أي إنما أباح لكم التعريض لعلمه بأنكم لا تصبرون على السكوت عنهن لأن شهوة النفس إذا حصلت في باب النكاح لا يكاد يخلو ذلك المشتهى من العزم والتمني ، وبأنه لا بدّ من كونكم ستذكرونهن بالخطبة فاذكروهن ولكن لا تواعدون بذكر الجماع وهو كما قال ابن عباس بأن لا يصف الخاطب نفسه لها بكثرة الجماع كأن يقول لها : آتيك الأربعة والخمسة إلا أن تساررونهن بالقول غير المنكر شرعا كأن يعدها الخاطب في السر بالإحسان إليها ، والاهتمام بشأنها ، والتكفل بمصالحها حتى يصير ذكر هذه الأشياء الجميلة مؤكدا لذلك التعريض (وَلا تَعْزِمُوا) أي لا تحققوا (عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ) أي حتى تبلغ العدة المفروضة آخرها وصارت منقضية (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي