عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (١) فإنّه دالّ على كون الإمامة من عهد الله تعالى وعلى اعتبار عصمة الإمام حين الإمامة وقبلها ؛ لأنّ كلّ عاصٍ ظالم لقوله تعالى : (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٢).
عن ابن عباس قال : معناها أنّه كائن لا ينال عهده مَنْ هو في رتبة ظالم ولا ينبغي أن يوليه شيئاً من أمره.
وعن مجاهد في قوله لا ينال عهدي الظالمين قال : لا أجعل إماماً ظالماً يُقتدى به (٣).
فالإمام يجب أن يكون معصوماً عن الضلال والمعصية وإلاّ كان غير مهتد بنفسه كما يدلّ عليه قوله تعالى : (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ) (٤) فأفعال الإمام خيرات يهتدي إليها لا بهداية من غيره بل باهتداء من نفسه بتأييد إلهي وتسديد ربّاني ومَنْ ليس بمعصوم فلا يكون إماماً هادياً إلى الحقّ.
والمراد بالظالمين مطلق مَنْ صدر عنه ظلم ؛ من شرك أو معصية وإن كان منه في برهة من عمره ؛ سواء في الجاهليّة أو الإسلام ثمّ تاب وصلح فلا بدّ أن لا يكون ظالماً في جميع عمره.
وإبراهيم عليهالسلام حينما سأل الإمامة لبعض ذرّيتّه أجابه المولى سبحانه :
____________________
(١) سورة البقرة : الآية ١٢٤.
(٢) سورة البقرة : الآية ٢٢٩.
(٣) تفسير الدر المنثور : ج ١ ص ١١٨.
(٤) سورة الأنبياء : الآية ٧٣.