أيديكم كالأسير قد حلأتموه ونساءه وأصحابه عن ماء الفرات الجاري الذي يشربه اليهود والنصارى والمجوس وتتمرّغ فيه خنازير السواد لبئسما خلفتم به محمداً في ذرّيته! فدعوا هذا الرجل يمضي في بلاد الله ؛ أما أنتم مؤمنون وبنبوة محمّد مصدّقون وبالمعاد موقنون؟! لا سقاكم الله يوم الظماء(١).
وكتب ابن زياد إلى عمر بن سعد يأمره أن يمنع الحسين ومَنْ معه الماء فأرسل عمر بن سعد عمرو بن الحجّاج على خمسمئة فارس فنزلوا على الشريعة وحالوا بين الحسين وبين الماء وذلك قبل قتل الحسين بثلاثة أيام. ونادى ابن حصين الأزدي : يا حسين أما تنظر إلى الماء؟ لا تذوق منه قطرة حتّى تموت عطشاً. فقال الحسين عليهالسلام : «اللّهمّ اقتله عطشاً ولا تغفر له أبداً». قال : فمرض فيما بعد فكان يشرب الماء القُلّة ثمّ يقيء ثمّ يعود فيشرب ... فمازال كذلك حتّى مات. وذكر البلاذري : فمات ابن حصين بالعطش كان يشرب حتّى يبغر(٢) فيما يروى فما زال ذاك دأبه حتّى لفظ نفسه (٣).
ويُقال : إنّ عمرو بن الحجّاج قال : يا حسين هذا الفرات تلغ فيه الكلاب وتشرب منه الحمير والخنازير والله لا تذوق منه جرعة حتّى تذوق الحميم في نار جهنم(٤).
____________________
(١) أنساب الأشراف : ج ٣ ص ١٨٩ ؛ تاريخ الطبري : ج ٤ ص ٣٢٦ ؛ الكامل في التاريخ : ج ٢ ص ٥٦٤ ؛ مقتل الحسين ـ للخوارزمي : ج ١ ص ٢٥٢.
(٢) يبغر : أي كان يشرب إلى أن يمتلئ جوفه من الماء فما يروى ولا يسكن عطشه.
(٣) لفظ أنفاسه : أي حتّى مات يُقال : لفظ فلان نفسه.
(٤) أنساب الأشراف : ج ٣ ص ١٨١ ؛ الكامل في التاريخ : ج ٢ ص ٥٥٦ تاريخ الطبري : ج ٤ ص ٣١١.