وقام المقداد فقال : ما رأيت مثل ما أودى به (١) أهل هذا البيت بعد نبيّهم. فقال له عبد الرحمن بن عوف : وما أنت وذاك يا مقداد بن عمرو؟ فقال : إنّي ـ والله ـ لأُحبّهم لحبّ رسول الله صلىاللهعليهوآله إيّاهم وإنّ الحقّ معهم وفيهم. يا عبد الرحمن أعجب من قريش ـ وإنّما تطوُّلُّهم على الناس بفضل أهل هذا البيت ـ قد اجتمعوا على نزع سلطان رسول الله صلىاللهعليهوآله بعده من أيديهم! أما ولأيم الله يا عبد الرحمن لو أجد على قريش أنصاراً لقاتلتهم كقتالي إيّاهم مع النبي (عليه الصلاة والسلام) يوم بدر(٢).
ولمّا رأى عمر بن الخطاب نزاع القوم على خلافة النبي صلىاللهعليهوآله قال : هيهات! لا يجتمع اثنان في قرن والله لا ترضى العرب أن يؤمّروكم ونبيُّها من غيركم ولكن العرب لا تمتنع أن تولِّي أمرها مَنْ كانت النبوّة فيهم وولي أمرهم منهم ولنا بذلك على مَنْ أبى من العرب الحجّة الظاهرة والسلطان المبين. مَنْ ذا ينازعنا سلطان محمّد وإمارته ونحن أولياؤه وعشيرته (٣)؟
وذكر ابن عساكر في تأريخه : لمّا دخل أبو سفيان على عثمان بعدما عَمي وقال : هل هنا أحد؟ فقالوا : لا. فقال : اللّهمّ اجعل الأمر أمر جاهليّة والملك غاصبيَّة واجعل أوتاد الأرض لبني اُميّة.
وجاء في الاستيعاب عن الحسن : أنَّ أبا سفيان دخل على عثمان حين
____________________
(١) أودى به : ذهب به.
(٢) مروج الذهب : ج ٢ ص ٣٦٠.
(٣) تاريخ الطبري : ج ٢ ص ٤٥٧.