لعلَّ البعض يتصوّر أنّ نهضته وثورته كانت مجرّد فتنة وقعت بين الظالم يزيد بن معاوية المعلن بالفسق والفجور وبين سبط الرسول صلىاللهعليهوآله.
هذا التصوّر ناشئ من عدم الرؤية التأريخية فعليه أن يكون جاداً في البحث الدقيق في مجاري التأريخ وأحداثها التي حدثت في الأُمة الإسلاميّة بعد رحيل النبي صلىاللهعليهوآله.
فكلّ مَنْ كانت له بصيرة نافذة يرى الحسين عليهالسلام ريحانة الرسول صلىاللهعليهوآله وفلذة كبده وسيد شباب أهل الجنّة وقد ترعرع في حجر النبوة والإمامة وأمّا يزيد فقد نشأ في أحضان الغواني والفجور والخمور فلمّا عُرض على الحسين عليهالسلام البيعة ليزيد رفض الحسين عليهالسلام من البداية قائلاً : «إنّا أهل بيت النبوّة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة ويزيد رجل فاسق فاجر قاتل النفس المحترمة ومثلي لا يبايع مثله». هذه الكلمات التي هزَّت عرش يزيد الفجور الذي أباح المدينة ثلاثة أيام بقيادة مسلم بن عقبة المرّي الذي أخاف المدينة ونهبها وقَتل أهلها وبايعه أهلها على أنّهم عبيد ليزيد وسمّاها نتنه وقد سمّاها رسول الله طَيْبة وقال صلى الله عليه وآله : «مَنْ أخاف أهل المدينة أخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين». فسمّى مسلم هذا لعنه الله بمجرم ومسرف ؛ لما كان من فعله. وكانت وقعة الحرّة عظيمة قُتل فيها خلق كثير من الناس من بني هاشم وسائر قريش والأنصار وراح ضحيتها أكثر من أربعة آلاف من سائر الناس ممّن أدركه الإحصاء دون مَنْ لم يعرف وافْتُضَّ فيها ألف عذراء فإنّا لله وإنّا إليه راجعون. ورميه الكعبة بالمجانيق فتواردت أحجار المجانيق والعرادات(١)
____________________
(١) العرادات : جمع عرادة وهي آلة من آلات الحرب وهي منجنيق صغير والمنجنيق : سلاح