وظلمتموهم. ألا وإنّه سترد عليّ في القيامة ثلاث رايات من هذه الأُمة ؛ راية سوداء مظلمة فتقف عليّ فأقول : مَنْ أنتم؟ فينسون ذكري ويقولون : أهل التوحيد من العرب. فأقول : أنا أحمد نبي العرب والعجم. فيقولون : نحن من أُمتك يا أحمد. فأقول لهم : كيف خلفتموني من بعدي في أهلي وعترتي وكتاب ربّي؟ فيقولون : أمّا الكتاب فضيّعناه ومزّقناه ؛ وأمّا عترتك فحرصنا على أن ننبذهم عن جديد الأرض. فأُولّي وجهي عنهم فيصدرون ظماء عطاشى مسودّة وجوههم. ثمّ ترد عليَّ راية أُخرى أشدّ سواداً من الأُولى فأقول لهم : مَنْ أنتم؟ فيقولون كالقول الأوّل بأنّهم من أهل التوحيد فإذا ذكرت لهم اسمي عرفوني وقالوا : نحن أُمتك. فأقول لهم : كيف خلفتموني في الثقلين الأكبر والأصغر؟ فيقولون : أمّا الأكبر فخالفناه ؛ وأمّا الأصغر فخذلناه ومزّقناهم كلّ ممزق. فأقول لهم : إليكم عنّي. فيصدرون ظماء عطاشى مسودّة وجوههم. ثمّ ترد عليّ راية أُخرى تلمع نوراً فأقول لهم مَنْ أنتم؟ فيقولون : نحن أهل كلمة التوحيد والتقوى نحن أُمّة محمّد ونحن بقيّة أهل الحقّ الذين حملنا كتاب ربّنا ؛ فحلّلنا حلاله وحرّمنا حرامه وأجبنا ذرية محمّد فنصرناهم بما نصرنا به أنفسنا وقاتلنا معهم وقتلنا مَنْ ناواهم. فأقول لهم : أبشروا فأنا نبيكم محمّد ولقد كنتم في دار الدنيا كما وصفتم. ثمّ أسقيهم من حوضي فيصدرون رواء. ألا وإنّ جبرئيل قد أخبرني بأنّ أُمّتي تقتل ولدي الحسين بأرض كرب وبلاء ألا فلعنة الله على قاتله وخاذله آخر الدهر» (١).
____________________
(١) مقتل الحسين ـ للخوارزمي : ج ١ ص ١٦٤.