المنتسب إليهم ، والمضموم بهم إلى حقيقة خلود الذكر ، وخلود القيمة في استمرار مُجتمع الإنسان.
سيكون لأخيه الحسن أنْ يتناول الخَطَّ ويمشي بعمليَّة الغوث ، أمَّا الحسين فإنَّه الواجف المُنتظر ، وهو غارق في تأمُّله الصامت : أيكون الترقُّب الآن عنصراً آخر في مُعاناته التي لم تنفجر بعد؟!!!
٥ ـ الصُّلح الأبيض وعهد الحسن :
رويد الأحداث قليلاً ، فإنَّها تناولت إلى يدها الآن إزميلاً آخر ، لا لتعميق الحَفر في نفس الحسين ، فإنَّ عُمق المحفور فيها قد بلغ القَرارة ، لا وليس لتوسيعه كتوسيع الدوائر ، فإنَّ الوسع فيه لم يعُد بحاجة إلى مساحة بعد أنْ تحوَّل إلى مسافة ، بلْ لتلوين هذا الحَفر بلون العُمق ، ولون المساحات العنيدة التي هي تحويل يُحومِل في النفس ويرفعها مِن مرتبة إلى مرتبة ، ومِن قرارٍ إلى قرارٍ ، سيظل هذا الإزميل الجديد في عمله المُتواصل في نفس الحسين مع انتقال المُهمَّة الكبيرة إلى حِضن أخيه الحسن ، مُنذ اللحظة الأُولى التي تسلَّم فيها زمام الإمامة ، حتَّى اللحظة الأخيرة التي رفعته فيها جرعة السَّمِّ إلى مُلاقاة جَدِّه في المُلاء الأوسع ، ليطرح بين يديه جَردة الحساب عَمَّا أنجزه فوق تُراب الأرض.
أمَّا الحسن ، وقد أنجز عِدَّة أشهُر ـ فقط ـ بتصدُّر الإمامة ، فانه ما تركها حتى ملأها ، وما غاب عنها حتى احتواها في مجمع فحواها ، واذا به ـ كعدسة العين ـ صغيرة صغيرة ، وما ضاقت على اشعة الشمس.
لقد كان الحسن ـ كأخيه الحسين ـ على اطِّلاع كامل وشامل بمُجريات الأحداث ، وبكلِّ ما أُضمر فيها مِن مقاصد سوء ليقصدهم ـ بالتخصيص ـ كطالبيِّين مُعيَّنين بأهل البيت ، وكان مُدركاً تمام الإدراك أنَّ لا قيمة لطالبيَّتهم ، مَهْما يَعزُّ بها الانتساب والفخار ، إنْ لم تتَّصف بالرسالة العظيمة التي أصبحت تعبيراً