أخاك ، فأيُّ حُكم ليس في يده أدوات تنفيذ الإعدام بمَن هُمْ ضِدَّ العهد ، أو بمَن يُمكن أنْ يشكِّلوا خطراً على سلامته وأمنه؟
الحسين : ـ وهذا وقوع في الخطأ الأفدح ، لم يكن مُعاوية خليفة للمسلمين ، وكان مَلِكاً على المسلمين ، الخلافة شيء والمُلْك شيء آخر ؛ فالخلافة هي كلُّ المَخلوف : تأسيساً وتركيزاً ، ولوناً ومعنىً ، وقضيَّةً ودستوراً. المؤسِّس كان جَدِّي النبي ، وهو لا غيره المُركِّز ، وهو الذي جمع الأُمَّة بالتوحيد والإسلام ، وهو الذي أعطاها المعنى الأوسع في كونها الحِصن المنيع والمُركِّن للإنسان ، وهو الذي أحاطها بإطارها الأفخم ، فأضحت قضيَّة الإنسان ودين الإنسان ، وقيمة وجود الإنسان ، وهو الذي سَنَّ لها الدستور ، فكانت الرسالة ميدانها الاشتراعي الأوحد والأضمن. إنَّ المَخلوف ـ والحالة هذه ـ هو جَدِّي النبي ، أمَّا الخليفة فجَدِّي النبي ـ أيضاً ـ هو الذي انتقاه مِن أكفَّأ أبناء الأُمَّة ، بعد أنْ أنشأ صِبَاغاً مِن جوهر الرسالة والقضيَّة فطلاه به ، وبعد أنْ حرَّر الأُمَّة التي انسكب بكلِّ جُهده فيها ، مِن كلِّ ما يُعيدها إلى مُسلسلها المُتماوج بغُبار قبليَّاتها المُتناحرة فوق كراسي مشيخاتها ، وذلك بتعيين كرسيٍّ واحدٍ يجلس فيه المُعيَّن المصقول بتربية خاصَّة ، مُعبِّرة عن كلِّ مقاصد المؤسِّس الأوحد ، الذي سيبقى وحده عُنوان الأُمَّة التي بناها وقدَّم لها رسالة ، مُنذ الأمس إلى اليوم الحاضر ، وإلى الغَد الآتي المُتربِّع فوق سِدرة الزمان ، ذلك هو الخليفة المُعيَّن ، فمَن هو بنظرك ـ يا ابن أبي سفيان ـ هو الذي بنى وعيَّن مُعاوية بناءً مُشتقَّاً مِن إرادة المَخلوف ومِن جوهر مقاصده ، ليكون خليفة الإسلام؟ أمَّا أنْ يكون مُعاوية مَلِكاً ، فليس على هذا الإسلام في أُمَّة الإسلام ، بلْ على عدد مِن القبائل عادوا إلى المُبايعات