ونهض الحسين مُتوجِّهاً إلى مقعد في الزاوية الغربيَّة مِن المكان ، رفعه بيمينه وتناول صندوقاً مِن تحته ، حمله وتقدَّم مِن أخيه محمد ، فتحه وهو يقول :
الحسين : ـ هنا كُتب التأييد مِن زعماء القبائل ، لقد قرأتها كلَّها وأنشأت دراسة عن كلِّ قبيلة تتمثَّل فيها ، وسلَّمت الدراسات هذه لابن عمِّنا مسلم بن عقيل ، هذا كلُّ ما نفَّذته حتَّى هذه الليلة يا أخي محمد ، فهل يكون كلُّه مِن هواك؟ وهل رأيت فيه جواباً على الأسئلة الثلاث ، التي بقيت أُحجيَّة في بال الوليد بن عتبة؟ في حين قدر على حلِّها الوالي الجديد مروان بن الحَكم؟
محمد : ـ هل هذا كلُّ شيء؟
الحسين : ـ وماذا تُريد بعد؟
محمد : ـ والمؤَن ، والعتاد ، والقيادات ، والتخطيط ، وساعات التنفيذ ، هل تمَّ تدبير كلِّ ذلك؟
الحسين : ـ لكلٍّ أُسلوبها ومِرانها ، أوْ فلنقل : نوع فوضاها!!! ألا يكفي ذلك في إدارة الحُكم ، وتجهيز الميدان ، وتقرير المصير!!! ستهُبُّ الأُمَّة كلُّها في البصرة بقيادة الأحنف بن قيس ، ألا تعرف الأحنف بن قيس كيف ورَّط بني حنظلة وبني سعد بالقتال ضِدَّ أبينا عليٍّ في معركة يوم الجمل؟!!! إنَّه ذاته المُبايع اليوم ، ليس إكراماً لنا ، بل إكراماً ليزيد بن مسعود!!! وسيلهب الساحات بالعزم الأكيد ، غداً سأرحل صوب البصرة ، إنَّ القوم ينتظرون هناك وصول الإمام الحسين ، ألا ترى ـ يا أخي ـ أنَّ تنفيذ الأُمور أسهل مِمَّا تتصوَّر؟!!!
محمد : ـ لم أفهم ـ يا أبا عبد الله ـ إنَّك تعميني بالأُحجيَّات ، فبينا أراك مِن جِهة أُولى تعتمد المُبايعة وتُركِّز عليها ، وقد قطعت بها شوطاً لا بأس به صوب الظهور على الخَصم الفاسق والحقود ، أراك مِن جِهة ثانية تُقابلها بنوعٍ مِن الاستخفاف والتحقير ،