استدعيهم إلى وعيٍ وإدراك ... أجل ، أنا لا أقدر ، ولا يُمكنني أنْ أكون إلاَّ في المركز الذي رسمه لي جَدِّي ، إنَّ الإمامة وحدها هي قدري المُحترم ، وهي مُرتبطة بي في ارتباطي بهذه الأُمَّة التي هي جِدِّي وكلُّ معنى وجودي في هذا الكون ، ولقد أصبحت أشعر أنِّي اشتقاق منها لا يقبل الانفصام. أمَّا فروضها عليَّ فأنْ أقوم بكلِّ ما يتعهَّدها في إتمام ذاتها ، وفي كلِّ ما أراه مِن حاجاتها في حقيقة البلوغ ، ماعدا ذلك فليس لي مِن معنى في وجودي ، إلاَّ إذا أردت تنعُّماً في عيش أوسِّعه عليَّ مِن بحبوحة إلى بحبوحة ، وأتذوَّق بها طعم الدنيا في لذاذاتها السخيفة والفارغة مِن حدود المعنى وحدود القيم. إنِّي ـ وهذا هو اقتناعي البليغ والصميم ـ أمام هذه الأُمَّة كما هو جَدِّي نبيُّها ورسولها ، وكلانا الآن مُشتقٌّ مِن صدر السموِّ الذي هو مصدر العصمة ، فإذا كان هو الحَقُّ مِن أجل أُمَّة هي الحَقُّ ، فعلى الأُمَّة بالذات أنْ يتوسَّع بها الإيمان والرُّشد ، حتَّى تتمكَّن هي مِن رؤية ذاتها فينا.
انطلاقاً مِن هذه القناعات ، يكون عليَّ أنْ أُرشد الأُمَّة وأُعطيها كلَّ ما تقدر هي أنْ تأخذ ، دون أنْ أحصر الأخذ بساعة مُعيَّنة مِن ساعات العمر ، فكما أنَّ نوع العطاء لا يكون إلاَّ مبدأ مِن المبادئ ، تتناوله الأُمَّة بعقلها وإدراكها ، فإنَّها ستأخذ منه حاجتها عندما يبلغ عقلها وإدراكها قوَّة اللمح ومُتعة التلمُّس ، ألم يُقدِّم جدُّنا العظيم رسالته العظيمة التي ستغرف الأُمَّة منها حاجاتها اليوم وغداً ، وبعد مُطلق غَدٍ في ربط الغرف بتطوُّر الفهم والإدراك وبروز الحاجة؟
على ضوء قولي هذا أرجو ـ يا أخي محمد ـ أنْ تفهم عليَّ ، فأنا ما توصلت إلى أيِّ قرار إلاَّ بعد أن زرعت عمري كلَّه في درس