غم». (١) و «إذ» بدل من «يوم الحسرة» أو ظرف لـ «الحسرة» ، و «يوم الحسرة» مفعول به ، أي خوفهم نفس ذلك اليوم. (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٣٩) ، أي أنذرهم في حال كونهم في جهلة عن ذلك اليوم ، وفي حال كونهم لا يصدقون به. (إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها) ، أي إنا لا ندع في الأرض شيئا من عاقل وغيره ونسلب جميع ما في أيديهم (وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) (٤٠) أي وإلى حكمنا يردّون للجزاء ، وهذا تخويف عظيم للعصاة. (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ) ، أي واتل على كفار مكة قصة إبراهيم في هذه السورة ، فإنهم ينتسبون إليه عليهالسلام ، فعساهم باستماع قصته يتركون ما هم فيه من القبائح. (إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً) أي يبلغ الصدق في أقواله ، وأفعاله وأحواله. (نَبِيًّا) (٤١) ، رفيع القدر عند الله ، وعند الناس ، فلا رفعة أعلى من رفعة من جعله الله واسطة بينه ، وبين عباده. (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ) ، آزر ، متلطفا في الدعوة : (يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ) ، ثناءك عليه ، (وَلا يُبْصِرُ) ، خشوعك بين يديه ، (وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) (٤٢) ، أي ولا يقدر على أن يكفيك شيئا من جلب نفع ، أو دفع ضرّ. (يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي) ، من الله ، (مِنَ الْعِلْمِ) ، أي علم الوحي ، (ما لَمْ يَأْتِكَ) ، منه ، (فَاتَّبِعْنِي) ، بالتوجه إلى الله ، (أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا) (٤٣) ، أي طريقا موصلا إلى أسنى المطلب ، منجيا عن المعاطب. (يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ) ، فإن عبادتك للأصنام عبادة له ، إذ هو الذي يزيّنها بوسوسته. (إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا) (٤٤) ، فطاعة العاصي عصيان ، والعصيان يوجب العذاب. (يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ). إن لم تؤمن به ، (فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا) (٤٥) أي قرينا في العذاب.
روي عن أبي هريرة أنه قال : قال صلىاللهعليهوسلم : «أوحى الله إلى إبراهيم عليهالسلام ، أنك خليلي ، فحسّن خلقك ، ولو مع الكفار ، تدخل مداخل الأبرار ، فإن كلمتي سبقت لمن حسّن خلقه ، أن أظلّه تحت عرشي. وأن أسكنه حظيرة قدسي ، وأن أدنيه من جواري» (٢). (قالَ) آزر : (أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي) ، أي أمعرض أنت عن آلهتي! (يا إِبْراهِيمُ) ، أنكر آزر نفس الانصراف عن الأصنام مع نوع من التعجب ، كان الانصراف عنها مما لا يصدر من العاقل. (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ) ، عن مقالتك هذه ، (لَأَرْجُمَنَّكَ) ، أي لأقتلنك ، أي لأظهرن ، أمرك للناس ليقتلوك ، وهذا تهديد عما كان إبراهيم عليه من العظة. (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) (٤٦) أي تباعد عني لكيلا أراك زمانا طويلا. (قالَ)
__________________
(١) رواه البخاري في كتاب التفسير ، باب : قوله : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) ، ومسلم في كتاب الجنّة ، باب : ٤ ، والترمذي في كتاب التفسير ، تفسير سورة ١٩ ، باب : ٢ ، والدارمي في كتاب الرقاق ، باب : في ذبح الموت ، وأحمد في (م ٢ / ص ٣٧٧).
(٢) رواه ابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق (٢ : ١٥٥) ، والعجلوني في كشف الخفاء (١ : ٣٠٨) ، وابن عدي في الكامل في الضعفاء (٦ : ٢٤٣٢).