الحلاوة ، (وَهذا مِلْحٌ) أي مر (أُجاجٌ) أي زعاق. (وَجَعَلَ بَيْنَهُما) أي الطيب والمالح (بَرْزَخاً) أي حائلا غير مرئي بقدرة الله تعالى (وَحِجْراً مَحْجُوراً) (٥٣) أي سترا ممنوعا به تغيير أحدهما طعم الآخر ، فالعذوبة أو الملوحة ، إن كانت بسبب طبيعة الأرض أو الماء فلا بد من الاستواء ، وإن لم يكن كذلك فلا بد من قادر حكيم يخص كل واحد من الأجسام بصفة خاصة (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ) أي من ماء الذكر والأنثى (بَشَراً) أي خلقا كثيرا (فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) أي فقسم البشر قسمين : ذكورا ينسب إليهم وإناثا يصاهر بهن ، أي يقارب ويخالط بهن. وقيل : النسب : ما لا يحل تزويجه من القرابة ، والصهر ما يحل التزويج من القرابة وغيرها. (وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً) (٥٤) حيث خلق من مادة واحدة بشرا مختلفا ألوانه ، وأعضاؤه وطباعه. وربما خلق من نطفة واحدة توأمين فأكثر. (وَيَعْبُدُونَ) أي كفار مكة (مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ) بعبادته في الدنيا والآخرة (وَلا يَضُرُّهُمْ) بترك عبادته فيهما ، وهو الأوثان. (وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً) (٥٥) أي وكان الكافر جماعة بعضهم معاون لبعض على إطفاء نور دين الله ، أو وكان الكافر معاونا للشيطان على عصيان ربه بالعداوة والشرك ، (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً) للمؤمنين على الطاعة (وَنَذِيراً) (٥٦) للكافرين على المعصية. (قُلْ) يا أكرم الرسل لأهل مكة : (ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) (٥٧) أي لا أطلب على تبليغ الرسالة من أموالكم أجرأ إلا فعل من أراد أن يطلب المنزلة عند الله تعالى بالإيمان والطاعة كما أدعوكم إليهما. وقيل : لا أطلب من أموالكم جعلا لنفسي عن التبليغ لكن من شاء أن ينفق أمواله لاتخاذ السبيل إلى ربه بالصدقة وغيرها فليفعل فالاستثناء على الأول متصل ، وعلى الثاني منقطع. (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) أي اعتمد بقلبك في كل الأمور على الله تعالى والأسباب وسائط أمر بها من غير اعتماد عليها ، (وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) أي نزهه تعالى عن صفات النقصان مثنيا عليه بنعوت الكمال طالبا لمزيد الإنعام بالشكر على كثير نعمه. (وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً) (٥٨) أي كفى الله مطلعا على ذنوب عباده ما ظهر منها وما بطن. (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) أي في مقدار ستة أيام من أيام الدنيا ، فخلق الأرض في يومين : الأحد والاثنين. وما بينهما في يومين : الثلاثاء والأربعاء. والسموات ، في يومين الخميس والجمعة وفرغ من آخر ساعة من يوم الجمعة ومحل الموصل جر على أنه صفة ثانية لـ «الحي» (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ) فالوقف على العرش تام إن أعرب «الرحمن» على المدح خبر مبتدأ محذوف ، أي هو الرحمن الذي لا ينبغي السجود إلا له وهو في الحقيقة صفة ثالثة لـ «الحي» كما قرأ زيد بن علي بالجر ، لأن المنصوب والمرفوع على سبيل المدح وإن خرجا عن التبعية لما قبلها صورة تابعان له حقيقة ولا يوقف على العرش إن أعرب «الرحمن» بدلا من الضمير المستكن في «استوى» فحينئذ فالوقف على الرحمن ، وهو وقف كاف. ومعنى «استوى على العرش» أي ارتفع خالق السموات والأرض ارتفاعا يليق بجلاله